مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

طيب

صفحة 527 - الجزء 1

طيب

  يقال: طَابَ الشيءُ يَطِيبُ طَيْباً، فهو طَيِّبٌ.

  قال تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ}⁣[النساء: ٣]، {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ}⁣[النساء: ٤]، وأصل الطَّيِّبِ:

  ما تستلذّه الحواسّ، وما تستلذّه النّفس، والطَّعامُ الطَّيِّبُ في الشّرع: ما كان متناولا من حيث ما يجوز، ومن المكان الَّذي يجوز فإنّه متى كان كذلك كان طَيِّباً عاجلا وآجلا لا يستوخم، وإلَّا فإنّه - وإن كان طَيِّباً عاجلا - لم يَطِبْ آجلا، وعلى ذلك قوله: {كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}⁣[البقرة: ١٧٢]، {فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ الله حَلالًا طَيِّباً}⁣[النحل: ١١٤]، {لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ الله لَكُمْ}⁣[المائدة: ٨٧]، {كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ واعْمَلُوا صالِحاً}⁣[المؤمنون: ٥١]، وهذا هو المراد بقوله: {والطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ}⁣[الأعراف: ٣٢]، وقوله: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ}⁣[المائدة: ٥]، قيل: عنى بها الذّبائح، وقوله: {ورَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ}⁣[غافر: ٦٤]، إشارةٌ إلى الغنيمة. والطَّيِّبُ من الإنسان: من تعرّى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال، وتحلَّى بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال، وإيّاهم قصد بقوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ}⁣[النحل: ٣٢]، وقال: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ}⁣[الزمر: ٧٣]، وقال تعالى: {هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً}⁣[آل عمران: ٣٨]، وقال تعالى: {لِيَمِيزَ الله الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ}⁣[الأنفال: ٣٧]، وقوله: {والطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ}⁣[النور: ٢٦]، تنبيه أنّ الأعمال الطَّيِّبَةَ تكون من الطَّيِّبِينَ، كما روي: «المؤمن أَطْيَبُ من عمله، والكافر أخبث من عمله»⁣(⁣١). قال تعالى: {ولا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ}⁣[النساء: ٢]، أي:

  الأعمال السّيّئة بالأعمال الصالحة، وعلى هذا قوله تعالى: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ}⁣[إبراهيم: ٢٤]، وقوله: {إِلَيْه يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ}⁣[فاطر: ١٠]، {ومَساكِنَ طَيِّبَةً}⁣[التوبة: ٧٢]، أي: طاهرة ذكيّة مستلذّة. وقوله: {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ ورَبٌّ غَفُورٌ}⁣[سبأ: ١٥]، وقيل:

  أشار إلى الجنّة، وإلى جوار ربّ العزّة، وأما قوله: {والْبَلَدُ الطَّيِّبُ}⁣[الأعراف: ٥٨]، إشارة إلى الأرض الزّكيّة، وقوله: {صَعِيداً طَيِّباً}⁣[المائدة: ٦]، أي: ترابا لا نجاسة به، وسمّي الاستنجاء اسْتِطَابةً لما فيه من التَّطَيُّبِ والتَّطَهُّرِ. وقيل الأَطْيَبَانِ الأكلُ والنّكاحُ⁣(⁣٢)، وطعامُ مَطْيَبَةٍ للنَّفسِ: إذا طَابَتْ به النّفسُ، ويقال


(١) الحديث تقدّم في مادة (خبث).

(٢) انظر: البصائر ٣/ ٥٣٢، والمجمل ٢/ ٥٩٠.

وقيل: هما النوم والنكاح، وقيل: التمر واللبن. انظر: جنى الجنتين ص ٢٠.