مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عوم

صفحة 599 - الجزء 1

  ونحفظ. {ولِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي}⁣[طه: ٣٩]، أي: بكلاءتي وحفظي. ومنه: عَيْنُ اللَّه عليك أي: كنت في حفظ اللَّه ورعايته، وقيل: جعل ذلك حفظته وجنوده الذين يحفظونه، وجمعه: أَعْيُنٌ وعُيُونٌ. قال تعالى: {ولا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ}⁣[هود: ٣١]، {رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}⁣[الفرقان: ٧٤].

  ويستعار الْعَيْنُ لمعان هي موجودة في الجارحة بنظرات مختلفة، واستعير للثّقب في المزادة تشبيها بها في الهيئة، وفي سيلان الماء منها فاشتقّ منها: سقاء عَيِّنٌ ومُتَعَيِّنٌ: إذا سال منها الماء، وقولهم: عَيِّنْ قربتك⁣(⁣١)، أي: صبّ فيها ما ينسدّ بسيلانه آثار خرزه، وقيل للمتجسّس:

  عَيْنٌ تشبيها بها في نظرها، وذلك كما تسمّى المرأة فرجا، والمركوب ظهرا، فيقال: فلان يملك كذا فرجا وكذا ظهرا لمّا كان المقصود منهما العضوين، وقيل للذّهب: عَيْنٌ تشبيها بها في كونها أفضل الجواهر، كما أنّ هذه الجارحة أفضل الجوارح ومنه قيل: أَعْيَانُ القوم لأفاضلهم، وأَعْيَانُ الإخوة: لنبي أب وأمّ، قال بعضهم: الْعَيْنُ إذا استعمل في معنى ذات الشيء فيقال: كلّ ماله عَيْنٌ، فكاستعمال الرّقبة في المماليك، وتسمية النّساء بالفرج من حيث إنه هو المقصود منهنّ، ويقال لمنبع الماء: عَيْنٌ تشبيها بها لما فيها من الماء، ومن عَيْنِ الماء اشتقّ: ماء مَعِينٌ. أي: ظاهر للعيون، وعَيِّنٌ أي: سائل. قال تعالى: {عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا}⁣[الإنسان: ١٨]، {وفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُوناً}⁣[القمر: ١٢]، {فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ}⁣[الرحمن: ٥٠]، {عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ}⁣[الرحمن: ٦٦]، {وأَسَلْنا لَه عَيْنَ الْقِطْرِ}⁣[سبأ: ١٢]، {فِي جَنَّاتٍ وعُيُونٍ}⁣[الحجر: ٤٥]، {مِنْ جَنَّاتٍ وعُيُونٍ}⁣[الشعراء: ٥٧]، و {جَنَّاتٍ وعُيُونٍ وزُرُوعٍ}⁣[الدخان: ٢٥ - ٢٦]. وعِنْتُ الرّجل: أصبت عَيْنَه، نحو: رأسته وفأدته، وعِنْتُه: أصبته بعيني نحو سفته: أصبته بسيفي، وذلك أنه يجعل تارة من الجارحة المضروبة نحو: رأسته وفأدته، وتارة من الجارحة التي هي آلة في الضّرب فيجري مجرى سفته ورمحته، وعلى نحوه في المعنيين قولهم:

  يديت، فإنه يقال: إذا أصبت يده، وإذا أصبته بيدك، وتقول: عِنْتُ البئر أثرت عَيْنَ مائها، قال: {إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ ومَعِينٍ}⁣[المؤمنون: ٥٠]، {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ}⁣[الملك: ٣٠]. وقيل: الميم فيه أصليّة، وإنما هو من:

  معنت⁣(⁣٢). وتستعار العَيْنُ للميل في الميزان ويقال لبقر الوحش: أَعْيَنُ وعَيْنَاءُ لحسن عينه، وجمعها: عِينٌ، وبها شبّه النّساء. قال تعالى:


(١) انظر: المجمل ٣/ ٦٤١، واللسان (عين).

(٢) انظر معاني القرآن للفرّاء ٢/ ٢٣٧.