مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

غبر

صفحة 601 - الجزء 1

كتاب الغين

غبر

  الْغَابِرُ: الماكث بعد مضيّ ما هو معه. قال: {إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ}⁣[الشعراء: ١٧١]، يعني: فيمن طال أعمارهم، وقيل: فيمن بقي ولم يسر مع لوط. وقيل: فيمن بقي بعد في العذاب، وفي آخر: {إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ}⁣[العنكبوت: ٣٣]، وفي آخر: {قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ}⁣[الحجر: ٦٠]، ومنه: الْغُبْرَةُ: البقيّة في الضّرع من اللَّبن، وجمعه: أَغْبَارٌ، وغُبْرُ الحيض، وغُبْرُ الليل.

  والْغُبَارُ: ما يبقى من التراب المثار، وجعل على بناء الدّخان والعثار ونحوهما من البقايا، وقد غَبَرَ الغُبَارُ، أي: ارتفع، وقيل: يقال للماضي غَابِرٌ، وللباقي غَابِرٌ⁣(⁣١)، فإن يك ذلك صحيحا، فإنما قيل للماضي غابر تصوّرا بمضيّ الغُبَارِ عن الأرض، وقيل للباقي غَابِرٌ تصوّرا بتخلَّف الغُبَارِ عن الذي يعدو فيخلفه، ومن الغُبَارِ اشتقّ الغَبَرَةُ: وهو ما يعلق بالشيء من الغُبَارِ وما كان على لونه، قال: {ووُجُوه يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ}⁣[عبس: ٤٠]، كناية عن تغيّر الوجه للغمّ، كقوله: {ظَلَّ وَجْهُه مُسْوَدًّا}⁣[النحل: ٥٨]، يقال: غَبَرَ غَبْرَةً، واغْبَرَّ واغْبَارَّ، قال طرفة:

  ٣٣٧ - رأيت بني غَبْرَاءَ لا ينكرونني⁣(⁣٢)

  أي: بني المفازة المُغْبَرَّةِ، وذلك كقولهم: بنو السّبيل. وداهية غَبْرَاءُ، إما من قولهم: غَبَرَ الشيء: وقع في الْغُبَارِ كأنها تُغَبِّرُ الإنسانَ، أو من الغُبْرِ، أي: البقيّة، والمعنى: داهية باقية لا تنقضي، أو من غَبَرَةِ اللَّون فهو كقولهم: داهية


(١) قال ابن الأنباري: الغابر حرفّ من الأضداد. يقال: غابر للماضي، وغابر للباقي. انظر: الأضداد ص ١٢٩.

(٢) شطر بيت من معلقته، وعجزه:

ولا أهل هذاك الطَّرف الممدّد

وهو في ديوانه ص ٣١، وشرح القصائد المشهورات ١/ ٧٩.