مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

فتح

صفحة 621 - الجزء 1

كتاب الفاء

فتح

  الفَتْحُ: إزالة الإغلاق والإشكال، وذلك ضربان:

  أحدهما: يدرك بالبصر كفتح الباب ونحوه، وكفتح القفل والغلق والمتاع، نحو قوله: {ولَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ}⁣[يوسف: ٦٥]، {ولَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ}⁣[الحجر: ١٤].

  والثاني: يدرك بالبصيرة كفتح الهمّ، وهو إزالة الغمّ، وذلك ضروب: أحدها: في الأمور الدّنيويّة كغمّ يفرج، وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه، نحو: {فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِه فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ}⁣[الأنعام: ٤٤]، أي:

  وسعنا، وقال: {لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ والأَرْضِ}⁣[الأعراف: ٩٦]، أي: أقبل عليهم الخيرات. والثاني: فتح المستغلق من العلوم، نحو قولك: فلان فَتَحَ من العلم بابا مغلقا، وقوله: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً}⁣[الفتح: ١]، قيل: عنى فتح مكَّة⁣(⁣١)، وقيل: بل عنى ما فتح على النّبيّ من العلوم والهدايات التي هي ذريعة إلى الثّواب، والمقامات المحمودة التي صارت سببا لغفران ذنوبه⁣(⁣٢). وفَاتِحَةُ كلّ شيء:

  مبدؤه الذي يفتح به ما بعده، وبه سمّي فاتحة الكتاب، وقيل: افْتَتَحَ فلان كذا: إذا ابتدأ به، وفَتَحَ عليه كذا: إذا أعلمه ووقّفه عليه، قال: {أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ الله عَلَيْكُمْ}⁣[البقرة: ٧٦]، {ما يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ}⁣[فاطر: ٢]، وفَتَحَ الْقَضِيَّةَ فِتَاحاً: فصل الأمر فيها، وأزال الإغلاق عنها. قال تعالى: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ}⁣[الأعراف: ٨٩]، ومنه {الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ}⁣[سبأ: ٢٦]، قال الشاعر:


(١) وهذا قول عائشة. انظر: الدر المنثور ٧/ ٥١٠.

(٢) انظر: روح المعاني ٢٦/ ١٢٩.