مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

أتى

صفحة 60 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}⁣[الغاشية: ١٧] قيل: أريد بها السحاب⁣(⁣١)، فإن يكن ذلك صحيحاً فعلى تشبيه السحاب بالإبل وأحواله بأحوالها.

  وأَبَلَ الوحشيّ يأبل أُبُولًا، وأبل أَبْلًا⁣(⁣٢): اجتزأ عن الماء تشبّها بالإبل في صبرها عن الماء.

  وكذلك: تَأَبَّلَ الرجل عن امرأته: إذا ترك مقاربتها⁣(⁣٣). وأَبَّلَ الرجل: كثرت إبله، وفلان لا يأتبل أي: لا يثبت على الإبل إذا ركبها، ورجل آبِلٌ وأَبِلٌ: حسن القيام على إبله، وإبل مُؤَبَّلة: مجموعة.

  والإبّالة: الحزمة من الحطب تشبيهاً به، وقوله تعالى: {وأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ}⁣[الفيل: ٣] أي: متفرّقة كقطعات إبلٍ، الواحد إبّيل⁣(⁣٤).

أتى

  الإتيان: مجيء بسهولة، ومنه قيل للسيل المارّ على وجهه: أَتِيّ وأَتَاوِيّ⁣(⁣٥)، وبه شبّه الغريب فقيل: أتاويّ⁣(⁣٦).

  والإتيان يقال للمجيء بالذات وبالأمر وبالتدبير، ويقال في الخير وفي الشر وفي الأعيان والأعراض، نحو قوله تعالى: {إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ الله أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ}⁣[الأنعام: ٤٠]، وقوله تعالى: {أَتى أَمْرُ الله}⁣[النحل: ١]، وقوله: {فَأَتَى الله بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ}⁣[النحل: ٢٦]، أي: بالأمر والتدبير، نحو: {وجاءَ رَبُّكَ}⁣[الفجر: ٢٢]، وعلى هذا النحو قول الشاعر:

  ٥ - أتيت المروءة من بابها⁣(⁣٧)

  {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها}⁣[النمل: ٣٧]، وقوله: {لا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وهُمْ كُسالى}⁣[التوبة: ٥٤]، أي: لا يتعاطون، وقوله: {يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ}⁣[النساء: ١٥]، وفي


(١) قال أبو عمرو بن العلاء: ومن قرأها بالتثقيل قال الإبلّ: السحاب التي تحمل الماء للمطر. راجع لسان العرب (إبل) ١١/ ٦، وتفسير القرطبي ٢٠/ ٣٥.

(٢) انظر: الأفعال للسرقسطي ١/ ٩٠، واللسان ١١/ ٥. مادة أبل.

(٣) وروي عن وهب قال: لمّا قتل ابن آدم أخاه تأبّل آدم على حوّاء. أي: ترك غشيانها حزناً على ولده.

(٤) الأبابيل: جماعة في تفرقة، واحدها: إبّيل وإبّول.

(٥) قال ابن منظور: والأتيّ: النهر يسوقه الرجل إلى أرضه. وسيل أتيّ وأتاويّ: لا يدرى من أين أتى، وقال اللحياني:

أي: أتى ولبّس مطره علينا.

(٦) وقال في اللسان: بل السيل مشبّه بالرّجل لأنه غريب مثله، راجع ١٤/ ١٥.

(٧) هذا عجز بيت للأعشى وقبله:

وكأسٍ شربت على لذةٍ ... وأخرى تداويت منها بها

لكي يعلم الناس أني امرؤ ... أتيت المروءة من بابها

وليس في ديوانه - طبع دار صادر، بل في ديوانه - طبع مصر ص ١٧٣، وخاص الخاص ص ٩٩، والعجز في بصائر ذوي التمييز ٢/ ٤٣.