مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

قذف

صفحة 661 - الجزء 1

  أشرف منه، وإمّا لما لا يصحّ وجود غيره إلَّا بوجوده، كقولك: الواحد مُتَقَدِّمٌ على العدد.

  بمعنى أنه لو توهّم ارتفاعه لارتفعت الأعداد، والقِدَمُ: وجود فيما مضى، والبقاء: وجود فيما يستقبل، وقد ورد في وصف اللَّه (يا قَدِيمَ الإحسان)⁣(⁣١)، ولم يرد في شيء من القرآن والآثار الصحيحة: القَدِيمُ في وصف اللَّه تعالى، والمتكلَّمون يستعملونه، ويصفونه به⁣(⁣٢)، وأكثر ما يستعمل القديم باعتبار الزمان نحو: {كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}⁣[يس: ٣٩]، وقوله: {قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣[يونس: ٢]، أي: سابقة فضيلة، وهو اسم مصدر، وقَدَّمْتُ كذا، قال: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ}⁣[المجادلة: ١٣]، وقال: {لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ}⁣[المائدة: ٨٠]، وقَدَّمْتُ فلانا أَقْدُمُه: إذا تَقَدَّمْتَه. قال: {يَقْدُمُ قَوْمَه يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣[هود: ٩٨]، {بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ}⁣[البقرة: ٩٥]، وقوله: {لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله ورَسُولِه}⁣[الحجرات: ١]، قيل: معناه لا تَتَقَدَّمُوه. وتحقيقه: لا تسبقوه بالقول والحكم بل افعلوا ما يرسمه لكم كما يفعله العباد المكرمون، وهم الملائكة حيث قال: {لا يَسْبِقُونَه بِالْقَوْلِ}⁣[الأنبياء: ٢٧]، وقوله: {لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ}⁣[الأعراف: ٣٤]، أي: لا يريدون تأخّرا ولا تقدّما. وقوله: {ونَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وآثارَهُمْ}⁣[يس: ١٢]، أي: ما فعلوه، قيل: وقَدَّمْتُ إليه بكذا: إذا أمرته قبل وقت الحاجة إلى فعله، وقبل أن يدهمه الأمر والناس.

  وقَدَّمْتُ به: أعلمته قبل وقت الحاجة إلى أن يعمله، ومنه: {وقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ}⁣(⁣٣) و (قُدَّامُ) بإزاء خَلْفُ، وتصغيره قُدَيْدِمَةٌ⁣(⁣٤)، وركب فلان مَقَادِيمَه⁣(⁣٥)، إذا مرّ على وجهه، وقَادِمَةُ الرّحل، وقادمة الأطباء، وقادمة الجناح، ومُقَدِّمَةُ الجيش، والْقَدُومُ. كلّ ذلك يعتبر فيه معنى التّقدّم.

قذف

  الْقَذْفُ: الرّمي البعيد، ولاعتبار البعد فيه قيل: منزل قَذَفٌ وقَذِيفٌ، وبلدة قَذُوفٌ: بعيدة،


(١) لم أجده في المرفوع لكن جاء عن محمد بن وزير أنه رأى النبي في المنام، وشكا له، فقال له قل: يا قديم الإحسان ويا من إحسانه فوق كل إحسان ويا مالك الدنيا والآخرة. أخرجه الصابوني. انظر: الرياض النضرة للطبري ١/ ٥٠. ومعلوم أنّ مثل هذا لا تثبت به حجة.

(٢) انظر: الأسماء والصفات للبيهقي ص ٣٣، والمنهاج في شعب الإيمان للحليمي ١/ ١٨٨، والمواقف للإيجي ص ٧٦، وورد اسم القديم في حديث أسماء اللَّه الحسنى، أخرجه ابن ماجة ٢/ ١٢٧٠، وفيه ضعف.

(٣) سورة ق: آية ٢٨.

(٤) يصغّر قديدمة وقديديمة، وهو شاذ. انظر: اللسان (قدم).

(٥) انظر: المجمل ٣/ ٧٤٥، وأساس البلاغة (قدم).