مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

كتب

صفحة 700 - الجزء 1

  {فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِمْ ... الآية}⁣[النساء: ٦٩] وقوله: {ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً ولا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها}⁣[الكهف: ٤٩] فقيل إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال العباد. وقوله: {إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها}⁣[الحديد: ٢٢] قيل: إشارة إلى اللَّوح المحفوظ، وكذا قوله: {إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى الله يَسِيرٌ}⁣[الحج: ٧٠]، وقوله: {ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ}⁣[الأنعام: ٥٩]، {فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً}⁣[الإسراء: ٥٨]، {لَوْ لا كِتابٌ مِنَ الله سَبَقَ}⁣[الأنفال: ٦٨] يعني به ما قدّره من الحكمة، وذلك إشارة إلى قوله: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِه الرَّحْمَةَ}⁣[الأنعام: ٥٤] وقيل: إشارة إلى قوله: {وما كانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنْتَ فِيهِمْ}⁣[الأنفال: ٣٣]، وقوله: {لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ الله لَنا}⁣[التوبة: ٥١] يعني: ما قدّره وقضاه، وذكر «لنا» ولم يقل «علينا» تنبيها أنّ كلّ ما يصيبنا نعدّه نعمة لنا، ولا نعدّه نقمة علينا، وقوله: {ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ الله لَكُمْ}⁣[المائدة: ٢١] قيل: معنى ذلك وهبها اللَّه لكم، ثم حرّمها عليكم بامتناعكم من دخولها وقبولها، وقيل:

  كتب لكم بشرط أن تدخلوها، وقيل: أوجبها عليكم، وإنما قال: «لكم» ولم يقل: «عليكم» لأنّ دخولهم إيّاها يعود عليهم بنفع عاجل وآجل، فيكون ذلك لهم لا عليهم، وذلك كقولك لمن يرى تأذّيا بشيء لا يعرف نفع مآله:

  هذا الكلام لك لا عليك، وقوله: {وجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وكَلِمَةُ الله هِيَ الْعُلْيا}⁣[التوبة: ٤٠] جعل حكمهم وتقديرهم ساقطا مضمحلَّا، وحكم اللَّه عاليا لا دافع له ولا مانع، وقال تعالى: {وقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ والإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ الله إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ}⁣[الروم: ٥٦] أي: في علمه وإيجابه وحكمه، وعلى ذلك قوله: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ}⁣[الرعد: ٣٨]، وقوله: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ الله اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ الله}⁣[التوبة: ٣٦] أي:

  في حكمه. ويعبّر بِالْكِتَابِ عن الحجّة الثابتة من جهة اللَّه نحو: {ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي الله بِغَيْرِ عِلْمٍ ولا هُدىً ولا كِتابٍ مُنِيرٍ}⁣[الحج: ٨]، {أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِه}⁣[الزخرف: ٢١]، {فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ}⁣[الصافات: ١٥٧]، {أُوتُوا الْكِتابَ}⁣[البقرة: ١٤٤](⁣١)، {كِتابَ الله}⁣[النساء: ٢٤]، {أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً}⁣[فاطر: ٤٠]، {فَهُمْ يَكْتُبُونَ}⁣[الطور: ٤١] فذلك إشارة إلى العلم والتّحقّق والاعتقاد، وقوله: {وابْتَغُوا ما كَتَبَ الله لَكُمْ}⁣[البقرة: ١٨٧] إشارة في تحرّي النّكاح إلى لطيفة، وهي


(١) الآية: {وإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ}.