مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

أحد

صفحة 66 - الجزء 1

  طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها، وإليها أشار بقوله تعالى: {ومِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى ومِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ}⁣[الحج: ٥]، وقصدهما الشاعر بقوله:

  ٨ - رأيت المنايا خبط عشواء من تصب ... تمته ... (⁣١)

  وقول الآخر:

  ٩ - من لم يمت عبطةً يمت هرماً⁣(⁣٢)

  والآجِل ضد العاجل، والأَجْلُ: الجناية التي يخاف منها آجلًا، فكل أَجْلٍ جناية وليس كل جناية أجلًا، يقال: فعلت كذا من أجله، قال تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ}⁣[المائدة: ٣٢]، أي: من جرّاء، وقرئ: (من أجل ذلك)⁣(⁣٣) بالكسر. أي: من جناية ذلك.

  ويقال: (أَجَلْ) في تحقيق خبرٍ سمعته. وبلوغ الأجل في قوله تعالى: {وإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣١]، هو المدة المضروبة بين الطلاق وبين انقضاء العدة، وقوله تعالى: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣٢]، إشارة إلى حين انقضاء العدّة، وحينئذ لا جناح عليهنّ فيما فعلن في أنفسهن.

أحد

  أَحَدٌ يستعمل على ضربين:

  أحدهما: في النفي فقط⁣(⁣٤).

  والثاني: في الإثبات.

  فأمّا المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحد، أي: لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصحّ استعماله في


(١) البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته، وتمامه:

ومن تخطئ يعمّر فيهرم

وهو في ديوانه ص ٨٦، وشرح القصائد للنحاس ١/ ١٢٥، وبصائر ذوي التمييز ٢/ ١٠٩.

(٢) الشطر لأمية بن أبي الصلت، وتتمته:

للموت كأس فالمرء ذائقها

وهو في ديوانه ص ٢٤١، والعباب (عبط)، واللسان (عبط)، وغريب الحديث للخطابي ١/ ٤٤٦، وذيل أمالي القالي ص ١٣٤.

(٣) وهي بكسر الهمزة مع قطعها قراءة شاذة حكاها اللحياني، وقرأ أبو جعفر بكسر الهمزة ونقل حركتها إلى النون، ووافقه الحسن، انظر: الإتحاف ص ٢٠٠، واللسان (أجل).

(٤) قال المختار بن بونا الجكني الشنقيطي في تكميله لألفية ابن مالك:

وعظَّموا بأحد الآحاد ... وأحد في النفي ذو انفراد

بعاقلٍ، ومثله عريب ... كما هنا من أحدٍ قريب