كوى
  {وكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّه كَفُوراً}[الإسراء: ٢٧]. وإذا استعمل في الزمان الماضي فقد يجوز أن يكون المستعمل فيه بقي على حالته كما تقدّم ذكره آنفا، ويجوز أن يكون قد تغيّر نحو: كَانَ فلان كذا ثم صار كذا. ولا فرق بين أن يكون الزمان المستعمل فيه كان قد تقدّم تقدما كثيرا، نحو أن تقول: كان في أوّل ما أوجد اللَّه تعالى، وبين أن يكون في زمان قد تقدّم بآن واحد عن الوقت الذي استعملت فيه كان، نحو أن تقول: كان آدم كذا، وبين أن يقال: كان زيد هاهنا، ويكون بينك وبين ذلك الزمان أدنى وقت، ولهذا صحّ أن يقال: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}[مريم: ٢٩] فأشار بكان أنّ عيسى وحالته التي شاهده عليها قبيل. وليس قول من قال: هذا إشارة إلى الحال بشيء، لأنّ ذلك إشارة إلى ما تقدّم، لكن إلى زمان يقرب من زمان قولهم هذا.
  وقوله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[آل عمران: ١١٠] فقد قيل: معنى كُنْتُمْ معنى الحال(١)، وليس ذلك بشيء بل إنما ذلك إشارة إلى أنّكم كنتم كذلك في تقدير اللَّه تعالى وحكمه، وقوله: {وإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ}[البقرة: ٢٨٠] فقد قيل:
  معناه: حصل ووقع، والْكَوْنُ يستعمله بعض الناس في استحالة جوهر إلى ما هو دونه، وكثير من المتكلَّمين يستعملونه في معنى الإبداع.
  وكَيْنُونَةٌ عند بعض النّحويين فعلولة، وأصله:
  كَوْنُونَةٌ، وكرهوا الضّمة والواو فقلبوا، وعند سيبويه(٢) كَيْوِنُونَةٌ على وزن فيعلولة، ثم أدغم فصار كَيِّنُونَةً، ثم حذف فصار كَيْنُونَةً، كقولهم في ميّت: ميت. وأصل ميّت: ميوت، ولم يقولوا كيّنونة على الأصل، كما قالوا: ميّت، لثقل لفظها. و «الْمَكَانُ» قيل أصله من: كَانَ يَكُونُ، فلمّا كثر في كلامهم توهّمت الميم أصليّة فقيل:
  تمكَّن كما قيل في المسكين: تمسكن، واسْتَكانَ فلان: تضرّع وكأنه سكن وترك الدّعة لضراعته.
  قال تعالى: {فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ}[المؤمنون: ٧٦].
كوى
  كَوَيْتُ الدّابة بالنار كَيّاً. قال: {فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وجُنُوبُهُمْ}[التوبة: ٣٥]. و:
  كيْ علَّة لفعل الشيء، و «كَيْلَا» لانتفائه، نحو:
(١) قال القرطبي: وقيل: «كان» زائدة، والمعنى: أنتم خير أمة. وأنشد سيبويه:
وجيران لنا كانوا كرام
ومثله قوله تعالى: {كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}، وقوله: {واذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ}.
انظر: تفسير القرطبي ٤/ ١٧٠ - ١٧١.
(٢) الكتاب ٤/ ٣٦٥.