مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

مسح

صفحة 767 - الجزء 1

  ٤٢٢ - وألمسه فلا أجده⁣(⁣١)

  والمسّ يقال فيما يكون معه إدراك بحاسّة اللَّمس، وكنّي به عن النكاح، فقيل: مسّها وماسّها، قال تعالى: {وإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣٧]، وقال: {لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ}⁣[البقرة: ٢٣٦]، وقرئ: ما لم تماسّوهنّ⁣(⁣٢)، وقال: {أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ}⁣[آل عمران: ٤٧] والمسيس كناية عن النّكاح، وكنّي بالمسّ عن الجنون.

  قال تعالى: {الَّذِي يَتَخَبَّطُه الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ}⁣[البقرة: ٢٧٥] والمسّ يقال في كلّ ما ينال الإنسان من أذى. نحو قوله: {وقالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً}⁣[البقرة: ٨٠]، وقال: {مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ والضَّرَّاءُ}⁣[البقرة: ٢١٤]، وقال: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ}⁣[القمر: ٤٨]، {مَسَّنِيَ الضُّرُّ}⁣[الأنبياء: ٨٣]، {مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ}⁣[ص: ٤١]، {مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا}⁣[يونس: ٢١]، {وإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاه}⁣[الإسراء: ٦٧].

مسح

  المَسْحُ: إمرار اليد على الشيء، وإزالة الأثر عنه، وقد يستعمل في كلّ واحد منهما. يقال:

  مسحت يدي بالمنديل، وقيل للدّرهم الأطلس:

  مسيح، وللمكان الأملس: أمسح، ومسح الأرضَ: ذرعها، وعبّر عن السّير بالمسح كما عبّر عنه بالذّرع، فقيل: مسح البعيرُ المفازةَ وذرعها، والمسح في تعارف الشرع: إمرار الماء على الأعضاء. يقال: مسحت للصلاة وتمسّحت، قال تعالى: {وامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وأَرْجُلَكُمْ}⁣[المائدة: ٦]. ومسحته بالسيف: كناية عن الضرب، كما يقال: مسست، قال تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ والأَعْناقِ}⁣[ص: ٣٣]، وقيل سمّي الدّجّال مَسِيحاً، لأنّه ممسوح أحد شقّي وجهه، وهو أنه روي «أنه لا عين له ولا حاجب»⁣(⁣٣)، وقيل: سمّي عيسى # مسيحا لكونه ماسحا في الأرض، أي: ذاهبا فيها، وذلك أنه كان في زمانه قوم يسمّون المشّاءين والسّيّاحين لسيرهم في الأرض، وقيل: سمّي به لأنه كان يمسح ذا العاهة فيبرأ، وقيل: سمّي بذلك لأنه خرج من بطن أمّه ممسوحا بالدّهن. وقال بعضهم⁣(⁣٤): إنما كان مشوحا بالعبرانيّة، فعرّب فقيل المسيح وكذا موسى كان موشى⁣(⁣٥). وقال بعضهم: المسيح: هو


(١) الشطر تقدّم في مادة (لمس).

(٢) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف. انظر: الإتحاف ص ١٥٩.

(٣) لم أجده في كتب الحديث، وذكره الزمخشري في الفائق ٣/ ٣٦٦، والسمين في العمدة: مسح.

(٤) وهذا قول أبي عبيد، نقله عنه الأزهري في تهذيب اللغة ٤/ ٣٤٨.

(٥) انظر المنتخب من غريب كلام العرب ٢/ ٦٠٣.