نبي
  كقوله: زَيَّنَه فَتَزَيَّنَ، وحَلَّاه فَتَحَلَّى، وجَمَّلَه فَتَجَمَّلَ، لكن لمَّا تُعُورِفَ فيمن يدَّعِي النُّبوَّةَ كَذِبا جُنِّبَ استعمالُه في المُحقِّ، ولم يُستعمَل إلَّا في المُتقوِّل في دَعْواه. كقولك: تَنَبَّأَ مُسَيْلِمَةُ، ويقال في تصغير نَبيء: مُسَيْلِمَة نُبَيِّئُ سَوْءٍ، تنبيهاً أنَّ أخباره ليست من أخبار اللَّه تعالى، كما قال رجل سمع كلامه: واللَّه ما خرج هذا الكلام من إلٍّ(١) أي: اللَّه. والنَّبْأَة الصَّوْتُ الخَفِيُّ.
نبي
  النبيُّ بغير همْز، فقد قال النحويُّون: أصله الهمْزُ فتُرِكَ همزُه، واستدلُّوا بقولهم: مُسَيْلِمَةُ نُبَيِّئُ سَوْءٍ. وقال بعضُ العلماء: هو من النَّبْوَة، أي: الرِّفعة(٢)، وسمّي نَبِيّاً لرِفْعة محلِّه عن سائر الناس المدلول عليه بقوله: {ورَفَعْناه مَكاناً عَلِيًّا}[مريم: ٥٧]. فالنَّبِيُّ بغير الهمْز أبلغُ من النَّبِيء بالهمْز، لأنه ليس كلّ مُنَبَّإ رفيعَ القَدْر والمحلِّ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لمن قال: يا نَبِيءَ اللَّه فقال: «لَسْتُ بِنَبِيءِ اللَّه ولكنْ نَبِيُّ اللَّه»(٣) لمّا رأى أنّ الرّجل خاطبه بالهمز ليَغُضَّ منه. والنَّبْوَة والنَّبَاوَة: الارتفاع، ومنه قيل: نَبَا بفلان مكانُه، كقولهم: قَضَّ عليه مضجعه، ونَبَا السيفُ عن الضَّرِيبة: إذا ارتدَّ عنه ولم يمض فيه، ونَبَا بصرُه عن كذا تشبيهاً بذلك.
نتق
  نَتَقَ الشيءَ: جَذَبَه ونَزَعَه حتى يسترخِيَ، كنَتْقِ عُرَى الحِمْل. قال تعالى: {وإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ}[الأعراف: ١٧١]، ومنه استعير: امرأة نَاتِقٌ: إذا كثُر ولدُها، وقيل: زِنْدٌ نَاتِقٌ: وَارٍ، تشبيهاً بالمرأة النَّاتِق.
نثر
  نَثْرُ الشيء: نشره وتفريقه. يقال: نَثَرْتُه فَانْتَثَرَ.
  قال تعالى: {وإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ}[الانفطار: ٢] ويسمَّى الدِّرْع إذا لُبِسَ نَثْرَةً، ونَثَرَتِ الشاةُ: طَرَحَتْ من أنفها الأَذَى، والنَّثْرَة:
  ما يَسِيلُ من الأنف، وقد تسمَّى الأنفُ نَثْرَةً، ومنه: النَّثْرَة لنجم يقال له أنْفُ الأسد، وطَعَنَه
(١) ذكر أبو بكر الباقلاني أنّ أبا بكر الصديق سأل أقواما قدموا عليه من بني حنيفة عن هذه الألفاظ - أي: ألفاظ مسيلمة - فحكوا بعضها، فقال أبو بكر: سبحان اللَّه! ويحكم، إنّ هذا الكلام لم يخرج عن إلّ، فأين كان يذهب بكم.
راجع: إعجاز القرآن ص ١٥٧.
(٢) انظر: اللسان (نبأ)، والحجة في القراءات للفارسي ٢/ ٩٠، والقول البديع ص ٢٩.
(٣) الحديث عن أبي ذر قال: جاء أعرابي إلى رسول اللَّه ﷺ فقال: يا نبيء اللَّه، فقال رسول اللَّه ﷺ: «لست بنبيء اللَّه، ولكني نبيّ اللَّه» أخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقّبه الذهبي وقال: بل منكر لم يصح، وفيه حمران بن أعين ليس بثقة، وهو واه. انظر: المستدرك ٢/ ٢٣١.
وقال ابن عمر: ما همز رسول اللَّه ﷺ ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم.