مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

نحت

صفحة 794 - الجزء 1

  {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَه ومِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ}⁣[الأحزاب: ٢٣] ويعبّر بذلك عمّن مات، كقولهم: قضى أجله⁣(⁣١)، واستوفى أكله، وقضى من الدّنيا حاجته، والنَّحِيبُ: البكاء الذي معه صوت، والنُّحَابُ السُّعَال.

نحت

  نَحَتَ الخَشَبَ والحَجَرَ ونحوهما من الأجسام الصَّلْبَة. قال تعالى: {وتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ}⁣[الشعراء: ١٤٩] والنُّحَاتَةُ: ما يسقط من المَنْحُوتِ، والنَّحِيتَة: الطَّبيعة التي نُحِتَ عليها الإنسان كما أنّ الغريزة ما غُرِزَ عليها الإنسانُ.

نحر

  النَّحْرُ: موضِع القِلَادةِ من الصَّدر. ونَحَرْتُه:

  أَصَبْتُ نَحْرَه، ومنه: نَحْرُ البعير، وقيل في حرف عبد اللَّه: {فَنَحَرُوهَا وما كادوا يفعلون}⁣[البقرة: ٧١](⁣٢) وانْتَحَرُوا على كذا: تَقَاتَلُوا تشبيهاً بنَحْر البعير، ونَحْرَة الشَّهر ونَحِيرُه: أوَّله، وقيل: آخر يوم من الشَّهر⁣(⁣٣)، كأنه ينحر الذي قبله، وقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وانْحَرْ}⁣[الكوثر: ٢] هو حثٌّ على مراعاة هذين الرُّكْنين، وهما الصلاة، ونَحْرُ الهَدْي، وأنه لا بدّ من تعاطيهما، فذلك واجب في كلّ دِين وفي كلّ مِلَّة، وقيل:

  أَمْرٌ بوَضْع اليد على النَّحْر⁣(⁣٤) وقيل: حثٌّ على قتل النَّفس بقَمْع الشَّهوة. والنِّحْرِير: العالِمُ بالشيء والحاذِقُ به.

نحس

  قوله تعالى: {يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ ونُحاسٌ}⁣[الرحمن: ٣٥] فَالنُّحَاس: اللَّهِيبُ بلا دُخانٍ، وذلك تشبيه في اللَّون بالنُّحاس، والنَّحْسُ: ضدّ السَّعْد، قال اللَّه تعالى: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ}⁣[القمر: ١٩]، {فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ}⁣[فصلت: ١٦] وقُرئ (نَحَسَات)⁣(⁣٥) بالفتح.

  قيل: مشؤوماتٍ⁣(⁣٦)، وقيل: شديداتِ البَرْد⁣(⁣٧).

  وأصل النَّحْس أن يحمرَّ الأفق فيصير كالنُّحاس. أي: لَهَبٍ بلا دُخان، فصار ذلك مثلا للشُّؤْم.


(١) يقال في ذلك: قضى نحبه، وفات أمره، وزهقت نفسه، وحمّ حمامه، وقرب أجله، وانقضى أكله، وحان حينه ودنت منيّته. انظر: جواهر الألفاظ ص ٣٨٤.

(٢) وهي قراءة شاذة.

(٣) انظر: المجمل ٣/ ٨٥٨، واللسان (نحر).

(٤) قال ابن عباس: إنّ اللَّه أوحى إلى رسوله أن ارفع يديك حذاء نحرك إذا كبّرت للصلاة، فذاك النحر. الدر المنثور ٨/ ٦٥٠.

(٥) وهي قراءة شاذة.

(٦) وهذا قول الضحاك، حكاه عنه أبو جعفر النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٣٣، وكذا قال به قتادة ومجاهد. انظر: الدر المنثور ٧/ ٣١٧.

(٧) وهذا القول حكاه النقاش. انظر: تفسير القرطبي ١٥/ ٣٤٨.