مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

نظر

صفحة 813 - الجزء 1

  نَظَرْتَ في كذا: تَأَمَّلْتَه. قال تعالى: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ}⁣[الصافات: ٨٨ - ٨٩]، وقوله: تعالى: {أَولَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ والأَرْضِ}⁣[الأعراف: ١٨٥] فذلك حَثٌّ على تَأَمُّلِ حِكْمَتِه في خَلْقِهَا. ونَظَرَ اللَّه تعالى إلى عِبَادِه: هو إحسانُه إليهم وإفاضَةُ نِعَمِه عليهم. قال تعالى: {ولا يُكَلِّمُهُمُ الله ولا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣[آل عمران: ٧٧]، وعلى ذلك قوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}⁣[المطففين: ١٥]، والنَّظَرُ: الانْتِظَارُ. يقال: نَظَرْتُه وانْتَظَرْتُه وأَنْظَرْتُه. أي: أَخَّرْتُه. قال تعالى: {وانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}⁣[هود: ١٢٢]، وقال: {فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ}⁣[يونس: ١٠٢]، وقال: {انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}⁣[الحديد: ١٣]، {وما كانُوا إِذاً مُنْظَرِينَ}⁣[الحجر: ٨]، {قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ}⁣[الأعراف: ١٥ - ١٦]، وقال: {فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ}⁣[هود: ٥٥]، وقال: {لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ ولا هُمْ يُنْظَرُونَ}⁣[السجدة: ٢٩]، وقال: {فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والأَرْضُ وما كانُوا مُنْظَرِينَ}⁣[الدخان: ٢٩]، فنفى الإِنْظارَ عنهم إشارةً إلى ما نبَّه عليه بقوله: {فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً ولا يَسْتَقْدِمُونَ}⁣[الأعراف: ٣٤]، وقال: {إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناه}⁣[الأحزاب: ٥٣] أي:

  منتظرين، وقال: {فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}⁣[النمل: ٣٥]، {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ والْمَلائِكَةُ}⁣[البقرة: ٢١٠]، وقال: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وهُمْ لا يَشْعُرُونَ}⁣[الزخرف: ٦٦] وقال: {ما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً}⁣[ص: ١٥]، وأما قوله: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}⁣[الأعراف: ١٤٣]، فَشَرْحُه وبَحْثُ حَقَائِقِه يَخْتَصُّ بغير هذا الكتابِ. ويُستعمَل النَّظَرُ في التَّحَيُّرِ في الأمور. نحو قوله: {فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}⁣[البقرة: ٥٥]، وقال: {وتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وهُمْ لا يُبْصِرُونَ}⁣[الأعراف: ١٩٨]، وقال: {وتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ}⁣[الشورى: ٤٥]، {ومِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ ولَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ}⁣[يونس: ٤٣]، فكلّ ذلك نظر عن تحيُّر دالٍّ على قِلَّة الغِنَاءِ. وقوله: {وأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ}⁣[البقرة: ٥٠]، قيل: مُشَاهِدُونَ، وقيل: تَعْتَبِرُونَ، وقول الشاعر:

  ٤٤٧ - نَظَرَ الدَّهْرُ إِلَيْهِمْ فَابْتَهَل⁣(⁣١)


(١) الشطر للبيد، وقد تقدّم في مادة (بهل).