مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

هلم

صفحة 844 - الجزء 1

  افتقاد الشيء عنك، وهو عند غيرك موجود كقوله تعالى: {هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَه}⁣[الحاقة: ٢٩].

  - وهَلَاكِ الشيء باستحالة وفساد كقوله: {ويُهْلِكَ الْحَرْثَ والنَّسْلَ}⁣[البقرة: ٢٠٥] ويقال: هَلَكَ الطعام.

  والثالث: الموت كقوله: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ}⁣[النساء: ١٧٦] وقال تعالى مخبرا عن الكفّار: {وما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ}⁣[الجاثية: ٢٤].

  ولم يذكر اللَّه الموت بلفظ الهلاك حيث لم يقصد الذّمّ إلَّا في هذا الموضع، وفي قوله: {ولَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِه حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ الله مِنْ بَعْدِه رَسُولًا}⁣[غافر: ٣٤]، وذلك لفائدة يختصّ ذكرها بما بعد هذا الكتاب.

  والرابع: بطلان الشيء من العالم وعدمه رأسا، وذلك المسمّى فناء المشار إليه بقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه}⁣[القصص: ٨٨] ويقال للعذاب والخوف والفقر: الهَلَاكُ، وعلى هذا قوله: {وإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وما يَشْعُرُونَ}⁣[الأنعام: ٢٦]، {وكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ}⁣[مريم: ٧٤]، {وكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها}⁣[الأعراف: ٤]، {فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها}⁣[الحج: ٤٥]، {أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}⁣[الأعراف: ١٧٣]، {أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا}⁣[الأعراف: ١٥٥]. وقوله: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ}⁣[الأحقاف: ٣٥] هو الهلاك الأكبر الذي دلّ النبيّ بقوله:

  «لا شرّ كشرّ بعده النّار»⁣(⁣١)، وقوله تعالى: {ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِه}⁣[النمل: ٤٩]. والْهُلْكُ بالضّمّ: الإِهْلَاكُ، والتَّهْلُكَةُ: ما يؤدّي إلى الهلاك، قال تعالى: {ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}⁣[البقرة: ١٩٥] وامرأة هَلُوكٌ: كأنها تَتَهَالَكُ في مشيها كما قال الشاعر:

  ٤٦٩ - مريضات أو بات التّهادي كأنّما ... تخاف على أحشائها أن تقطَّعا⁣(⁣٢)

  وكنّي بِالْهَلُوكِ عن الفاجرة لتمايلها، والهَالِكِيُّ: كان حدّادا من قبيلة هَالِكٍ، فسمّي كلّ حدّاد هالكيّا، والْهُلْكُ: الشيء الهالك.

هلم

  هَلُمَّ دعاء إلى الشيء، وفيه قولان:


(١) لم أجده، وقد تقدّم ص ٣٠٠.

(٢) البيت لمسلم بن الوليد في الحماسة البصرية ٢/ ٢٢٠، والحيوان ٤/ ٢٥٩. البيت نسبه المؤلف في المحاضرات للسعيد، وبعده:

تسيب انسياب الأيم أخضره الندى ... يرّفع من أطرافه ما ترفعا

انظر: محاضرات الأدباء ٢/ ١٣٩، والحيوان للجاحظ ٤/ ٢٥٩، وعمدة الحفاظ (هلك)، وتفسير الراغب ورقة ١٢٩.