مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

وقى

صفحة 881 - الجزء 1

  البعيرِ، وأثرُ الكتابةِ في الكتاب، ومنه استعير التَّوْقِيعُ في القصص.

وقف

  يقال: وَقَفْتُ القومَ أَقِفُهُمْ وَقْفاً، ووَاقَفُوهُمْ وُقُوفاً. قال تعالى: {وقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ}⁣[الصافات: ٢٤] ومنه استعير: وَقَفْتُ الدّارَ: إذا سبّلتها، والوَقْفُ: سوارٌ من عاج، وحمارٌ مُوَقَّفٌ بأرساغه مثلُ الوَقْفِ من البياض، كقولهم: فرس مُحجَّل: إذا كان به مثلُ الحَجَل، ومَوْقِفُ الإنسانِ حيث يَقِفُ، والمُوَاقَفَةُ: أن يَقِفَ كلُّ واحد أمره على ما يَقِفُه عليه صاحبه، والوَقِيفَةُ: الوحشيّة التي يلجئها الصائد إلى أن تَقِفَ حتى تصاد.

وقى

  الوِقَايَةُ: حفظُ الشيءِ ممّا يؤذيه ويضرّه.

  يقال: وَقَيْتُ الشيءَ أَقِيه وِقَايَةً ووِقَاءً. قال تعالى: {فَوَقاهُمُ الله}⁣[الإنسان: ١١]، {ووَقاهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ}⁣[الدخان: ٥٦]، {وما لَهُمْ مِنَ الله مِنْ واقٍ}⁣[الرعد: ٣٤]، {ما لَكَ مِنَ الله مِنْ وَلِيٍّ ولا واقٍ}⁣[الرعد: ٣٧]، {قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ ناراً}⁣[التحريم: ٦] والتَّقْوَى جعل النّفس في وِقَايَةٍ مما يخاف، هذا تحقيقه، ثمّ يسمّى الخوف تارة تَقْوًى، والتَّقْوَى خوفاً حسب تسمية مقتضى الشيء بمقتضيه والمقتضي بمقتضاه، وصار التَّقْوَى في تعارف الشّرع حفظ النّفس عمّا يؤثم، وذلك بترك المحظور، ويتمّ ذلك بترك بعض المباحات لما روي: «الحلال بيّن، والحرام بيّن، ومن رتع حول الحمى فحقيق أن يقع فيه»⁣(⁣١) قال اللَّه تعالى: {فَمَنِ اتَّقى وأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولا هُمْ يَحْزَنُونَ}⁣[الأعراف: ٣٥]، {إِنَّ الله مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا}⁣[النحل: ١٢٨]، {وسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً}⁣[الزمر: ٧٣] ولجعل التَّقْوَى منازل قال: {واتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيه إِلَى الله}⁣[البقرة: ٢٨١]، و {اتَّقُوا رَبَّكُمُ}⁣[النساء: ١]، {ومَنْ يُطِعِ الله ورَسُولَه ويَخْشَ الله ويَتَّقْه}⁣[النور: ٥٢]، {واتَّقُوا الله الَّذِي تَسائَلُونَ بِه والأَرْحامَ}⁣[النساء: ١]، {اتَّقُوا الله حَقَّ تُقاتِه}⁣[آل عمران: ١٠٢]. وتخصيص كلّ واحد من هذه الألفاظ له ما بعد هذا الكتاب.

  ويقال: اتَّقَى فلانٌ بكذا: إذا جعله وِقَايَةً لنفسه، وقوله: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِه سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣[الزمر: ٢٤] تنبيه على شدّة ما ينالهم، وأنّ أجدر شيء يَتَّقُونَ به من العذاب يوم القيامة هو وجوههم، فصار ذلك كقوله: {وتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ}⁣[إبراهيم: ٥٠]، {يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ}⁣[القمر: ٤٨].


(١) الحديث تقدّم في مادة (بغى).