مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

إلى

صفحة 83 - الجزء 1

  وقيل: هو من: أَلِه، أي: تحيّر، وتسميته بذلك إشارة إلى ما قال أمير المؤمنين عليّ ¥: (كلّ دون صفاته تحبير الصفات، وضلّ هناك تصاريف اللغات) وذلك أنّ العبد إذا تفكَّر في صفاته تحيّر فيها، ولهذا روي: «تفكَّروا في آلاء اللَّه ولا تفكَّروا في اللَّه»⁣(⁣١).

  وقيل: أصله: ولاه، فأبدل من الواو همزة، وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والها نحوه، إمّا بالتسخير فقط كالجمادات والحيوانات، وإمّا بالتسخير والإرادة معا كبعض الناس، ومن هذا الوجه قال بعض الحكماء: اللَّه محبوب الأشياء كلها⁣(⁣٢)، وعليه دلّ قوله تعالى: {وإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}⁣[الإسراء: ٤٤].

  وقيل: أصله من: لاه يلوه لياها، أي:

  احتجب. قالوا: وذلك إشارة إلى ما قال تعالى: {لا تُدْرِكُه الأَبْصارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، والمشار إليه بالباطن في قوله: {والظَّاهِرُ والْباطِنُ}⁣[الحديد: ٣]. وإِلَه حقّه ألا يجمع، إذ لا معبود سواه، لكن العرب لاعتقادهم أنّ هاهنا معبودات جمعوه، فقالوا: الآلهة. قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا}⁣[الأنبياء: ٤٣]، وقال: {ويَذَرَكَ وآلِهَتَكَ}⁣[الأعراف: ١٢٧] وقرئ:

  (وإلاهتك)⁣(⁣٣) أي: عبادتك. ولاه أنت، أي:

  للَّه، وحذف إحدى اللامين.

  «اللهم» قيل: معناه: يا اللَّه، فأبدل من الياء في أوله الميمان في آخره⁣(⁣٤)، وخصّ بدعاء اللَّه، وقيل: تقديره: يا اللَّه أمّنا بخير⁣(⁣٥)، مركَّب تركيب حيّهلا.

إلى

  إلى: حرف يحدّ به النهاية من الجوانب الست، وأَلَوْتُ في الأمر: قصّرت فيه، هو منه، كأنه رأى فيه الانتهاء، وأَلَوْتُ فلانا، أي: أوليته تقصيرا نحو: كسبته، أي: أوليته كسبا، وما ألوته جهدا، أي: ما أوليته تقصيرا بحسب الجهد، فقولك: «جهدا» تمييز، وكذلك: ما ألوته نصحا. وقوله تعالى: {لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا}⁣[آل عمران: ١١٨]


(١) الحديث رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس بلفظ: «تفكروا في خلق اللَّه ولا تفكروا في اللَّه» ورواه ابن أبي شيبة في كتاب العرش ص ٥٩ من قوله عن ابن عباس بلفظ: «تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في اللَّه».

وجاء أحاديث كثيرة بمعناها قال العجلوني: وأسانيدها ضعيفة لكن اجتماعها يكسبه قوة، ومعناه صحيح.

راجع: كشف الخفاء ١/ ٣١١، والنهاية في غريب الحديث ١/ ٦٣.

(٢) انظر: عمدة الحفاظ: (أله).

(٣) وبها قرأ عليّ بن أبي طالب وابن عباس والضحاك، وهي قراءة شاذة، راجع: القرطبي ٧/ ٢٦٢.

(٤) وهذا قول الخليل |، انظر: اللسان (أله)، ومعاني الفراء ١/ ٢٠٣، والغريبين للهروي ١/ ٧٩.

(٥) وهذا قول الفراء، ذكره في معاني القرآن ١/ ٢٠٣.