مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

إن وأن

صفحة 92 - الجزء 1

  خبر جبريل حيث سأله فقال: ما الإيمان؟ والخبر معروف⁣(⁣١).

  ويقال: رجل أَمْنَةٌ وأَمَنَةٌ: يثق بكل أحد، وأَمِينٌ وأَمَانٌ يؤمن به. والأَمُون: الناقة يؤمن فتورها وعثورها.

  آمين يقال بالمدّ والقصر، وهو اسم للفعل نحو:

  صه ومه. قال الحسن: معناه: استجب، وأَمَّنَ فلان: إذا قال: آمين. وقيل: آمين اسم من أسماء اللَّه تعالى⁣(⁣٢). وقال أبو علي الفسوي⁣(⁣٣):

  أراد هذا القائل أنّ في آمين ضميرا للَّه تعالى، لأنّ معناه: استجب.

  وقوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ}⁣[الزمر: ٩] تقديره: أم من، وقرئ: (أمن)⁣(⁣٤) وليسا من هذا الباب.

إِنَّ وأَنَّ

  إِنَّ أَنَّ ينصبان الاسم ويرفعان الخبر، والفرق بينهما أنّ «إِنَّ» يكون ما بعده جملة مستقلة، و «أَنَّ» يكون ما بعده في حكم مفرد يقع موقع مرفوع ومنصوب ومجرور، نحو: أعجبني أَنَّك تخرج، وعلمت أَنَّكَ تخرج، وتعجّبت من أَنَّك تخرج. وإذا أدخل عليه «ما» يبطل عمله، ويقتضي إثبات الحكم للمذكور وصرفه عمّا عداه، نحو: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}⁣[التوبة: ٢٨] تنبيها على أنّ النجاسة التامة هي حاصلة للمختص بالشرك، وقوله ø: {إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ والدَّمَ}⁣[البقرة: ١٧٣] أي: ما حرّم ذلك إلا تنبيها على أنّ أعظم المحرمات من المطعومات في أصل الشرع هو هذه المذكورات.

  وأَنْ على أربعة أوجه:

  الداخلة على المعدومين من الفعل الماضي أو المستقبل، ويكون ما بعده في تقدير مصدر، وينصب المستقبل نحو: أعجبني أن تخرج وأن خرجت.

  والمخفّفة من الثقيلة نحو: أعجبني أن زيدا منطلق.

  والمؤكَّدة ل «لمّا» نحو: {فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ}⁣[يوسف: ٩٦].

  والمفسّرة لما يكون بمعنى القول، نحو: {وانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا واصْبِرُوا}⁣[ص: ٦] أي: قالوا: امشوا.


(١) وقد أخرجه البخاري ومسلم قال: «أن تؤمن باللَّه وحده وملائكته وكتبه ورسله وبالبعث بعد الموت والجنة والنار، وبالقدر خيره وشره»، راجع البخاري ١/ ١٠٦، ومسلم (٩) في الإيمان، وشرح السنة ١/ ٩.

(٢) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٩٩ عن أبي هريرة.

(٣) هو أبو علي الفارسي الحسن بن أحمد المتوفى ٣٧٧ هـ. وقوله هذا في المسائل الحلبيات ص ١١٦.

(٤) وهي قراءة نافع وابن كثير وحمزة. انظر: الإتحاف ص ٣٧٥.