بغض
  الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[الشورى: ٤٢]، فخصّ العقوبة ببغيه بغير الحق.
  وأَبْغَيْتُك: أعنتك على طلبه، وبَغَى الجرح: تجاوز الحدّ في فساده، وبَغَتِ المرأة بِغَاءً: إذا فجرت، وذلك لتجاوزها إلى ما ليس لها. قال ø: {ولا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً}[النور: ٣٣]، وبَغَتِ السماء: تجاوزت في المطر حدّ المحتاج إليه، وبَغَى: تكبّر، وذلك لتجاوزه منزلته إلى ما ليس له، ويستعمل ذلك في أي أمر كان. قال تعالى: {يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[الشورى: ٤٢]، وقال تعالى: {إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ}[يونس: ٢٣]، {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْه لَيَنْصُرَنَّه الله}[الحج: ٦٠]، {إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ}[القصص: ٧٦]، وقال: {فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي}[الحجرات: ٩]، فالبغي في أكثر المواضع مذموم، وقوله: {غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ}[البقرة: ١٧٣]، أي: غير طالب ما ليس له طلبه ولا متجاوز لما رسم له.
  قال الحسن: غير متناول للذّة ولا متجاوز سدّ الجوعة(١).
  وقال مجاهد |: غير باغ على إمام ولا عاد في المعصية طريق الحق(٢).
  وأمّا الابتغاء فقد خصّ بالاجتهاد في الطلب، فمتى كان الطلب لشيء محمود فالابتغاء فيه محمود نحو: {ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ}[الإسراء: ٢٨]، و {ابْتِغاءَ وَجْه رَبِّه الأَعْلى}[الليل: ٢٠]، وقولهم: يَنْبغي مطاوع بغى. فإذا قيل: ينبغي أن يكون كذا؟
  فيقال على وجهين: أحدهما ما يكون مسخّرا للفعل، نحو: النار ينبغي أن تحرق الثوب، والثاني: على معنى الاستئهال، نحو: فلان ينبغي أن يعطى لكرمه، وقوله تعالى: {وما عَلَّمْناه الشِّعْرَ وما يَنْبَغِي لَه}[يس: ٦٩]، على الأول، فإنّ معناه لا يتسخّر ولا يتسهّل له، ألا ترى أنّ لسانه لم يكن يجري به، وقوله تعالى: {وهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}[ص: ٣٥].
(١) ومثله عن الشعبي والنخعي قالا: إذا اضطر إلى الميتة أكل منها قدر ما يقيمه. راجع الدر المنثور ١/ ٤٠٨.
(٢) أخرج هذا عن مجاهد البيهقي في المعرفة والسنن وابن أبي شيبة وابن المنذر وغيرهم. انظر: الدر المنثور ١/ ٤٠٨.