مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حرث

صفحة 226 - الجزء 1

حرث

  الحَرْث: إلقاء البذر في الأرض وتهيّؤها للزرع، ويسمّى المحروث حرثا، قال اللَّه تعالى: {أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ}⁣[القلم: ٢٢]، وتصوّر منه معنى العمارة التي تحصل عنه في قوله تعالى: {مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَه فِي حَرْثِه ومَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِه مِنْها وما لَه فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ}⁣[الشورى: ٢٠]، وقد ذكرت في (مكارم الشريعة) كون الدنيا مَحْرَثا للناس، وكونهم حُرَّاثاً فيها وكيفية حرثهم⁣(⁣١).

  وروي: «أصدق الأسماء الحارث»⁣(⁣٢) وذلك لتصوّر معنى الكسب منه، وروي: «احرث في دنياك لآخرتك»⁣(⁣٣)، وتصوّر معنى التهيّج من حرث الأرض، فقيل: حَرَثْت النّار، ولما تهيّج به النار محرث، ويقال: احرث القرآن، أي: أكثر تلاوته، وحَرَثَ ناقته: إذا استعملها، وقال معاوية⁣(⁣٤) للأنصار: ما فعلت نواضحكم؟ قالوا: حرثناها يوم بدر. وقال ø: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٣]، وذلك على سبيل التشبيه، فبالنساء زرع ما فيه بقاء نوع الإنسان، كما أنّ بالأرض زرع ما به بقاء أشخاصهم، وقوله ø: {ويُهْلِكَ الْحَرْثَ والنَّسْلَ}⁣[البقرة: ٢٠٥]، يتناول الحرثين.

حرج

  أصل الحَرَج والحراج مجتمع الشيئين، وتصوّر منه ضيق ما بينهما، فقيل للضيّق: حَرَج، وللإثم حَرَج، قال تعالى: {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً}⁣[النساء: ٦٥]، وقال ø: {وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}⁣[الحج: ٧٨]، وقد حرج صدره، قال تعالى: {يَجْعَلْ صَدْرَه ضَيِّقاً حَرَجاً}⁣[الأنعام: ١٢٥]،


(١) انظر باب تفاوت أحوال المتناولين لأعراض الدنيا وما بعده في كتابه (الذريعة إلى مكارم الشريعة) ص ٢١٠ - ٢١١.

(٢) الحديث عن ابن مسعود عن النبيّ قال: «أحبّ الأسماء إلى اللَّه ما تعبّد له، وأصدق الأسماء همّام وحارث» أخرجه الشيرازي في الألقاب والطبراني. قال في فتح الباري: في إسناده ضعف. راجع الفتح الكبير ١/ ٤٦ وكشف الخفاء ١/ ٥١. وعن أبي وهب الجشمي قال: قال رسول اللَّه : «تسمّوا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى اللَّه عبد اللَّه وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام» أخرجه أبو داود، وانظر: معالم السنن ٤/ ١٢٦، والترغيب والترهيب ٣/ ٨٥.

(٣) ورد بمعناه عن النبي فيما رواه أنس عنه قال: «أصلحوا دنياكم واعملوا لآخرتكم كأنكم تموتون غدا» أخرجه في الفردوس، وأخرجه ابن قتيبة من كلام عمرو بن العاص ولم يرفعه. انظر عيون الأخبار ٣/ ٢٤٤.

راجع: الفتح الكبير للسيوطي ١/ ١٩٠، وكشف الخفاء ١/ ٤١٢.

(٤) انظر غريب الحديث لأبي عبيد ٤/ ٢٩٥.