مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حيث

صفحة 262 - الجزء 1

حيث

  حيث عبارة عن مكان مبهم يشرح بالجملة التي بعده، نحو قوله تعالى: {وحَيْثُ ما كُنْتُمْ}⁣[البقرة: ١٤٤]، {ومِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ}⁣[البقرة: ١٤٩].

حوذ

  الحَوْذُ: أن يتبع السّائق حاذيي البعير، أي:

  أدبار فخذيه فيعنّف في سوقه، يقال: حَاذَ الإبلَ يَحُوذُهَا، أي: ساقها سوقا عنيفا، وقوله: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ}⁣[المجادلة: ١٩]، استاقهم مستوليا عليهم، أو من قولهم: استحوذ العير على الأتان، أي: استولى على حَاذَيْهَا، أي: جانبي ظهرها، ويقال:

  استحاذ، وهو القياس، واستعارة ذلك كقولهم:

  اقتعده الشيطان وارتكبه، والأَحْوَذِيّ: الخفيف الحاذق بالشيء، من الحوذ أي: السّوق.

حور

  الحَوْرُ: التّردّد إمّا بالذّات، وإمّا بالفكر، وقوله ø: {إِنَّه ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}⁣[الانشقاق: ١٤]، أي: لن يبعث، وذلك نحو قوله: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى ورَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}⁣[التغابن: ١٧]، وحَارَ الماء في الغدير: تردّد فيه، وحَارَ في أمره: تحيّر، ومنه:

  المِحْوَر للعود الذي تجري عليه البكرة لتردّده، وبهذا النّظر قيل: سير السّواني أبدا لا ينقطع⁣(⁣١)، والسواني جمع سانية، وهي ما يستقى عليه من بعير أو ثور، ومَحَارَة الأذن لظاهره المنقعر، تشبيها بمحارة الماء لتردّد الهواء بالصّوت فيه كتردّد الماء في المحارة، والقوم في حَوْرٍ أي: في تردّد إلى نقصان، وقوله: «نعوذ باللَّه من الحور بعد الكور»⁣(⁣٢) أي: من التّردّد في الأمر بعد المضيّ فيه، أو من نقصان وتردّد في الحال بعد الزّيادة فيها، وقيل: حار بعد ما كار. والمُحاوَرَةُ والحِوَار: المرادّة في الكلام، ومنه التَّحَاوُر، قال اللَّه تعالى: {والله يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما}⁣[المجادلة: ١]، وكلَّمته فما رجع إليّ حَوَاراً، أو حَوِيراً أو مَحُورَةً⁣(⁣٣)، أي: جوابا، وما يعيش بأحور، أي بعقل يحور إليه، وقوله تعالى: {حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ}⁣[الرحمن: ٧٢]، {وحُورٌ عِينٌ}⁣[الواقعة: ٢٢]، جمع أَحْوَرَ وحَوْرَاء، والحَوَر قيل: ظهور قليل من البياض في العين من بين السّواد، وأَحْوَرَتْ عينه، وذلك نهاية الحسن من العين، وقيل:

  حَوَّرْتُ الشّيء: بيّضته ودوّرته، ومنه: الخبز


(١) المثل: سير السواني سفر لا ينقطع. اللسان: سنا.

(٢) الحديث عن عبد اللَّه بن سرجس قال: «كان النبيّ إذا خرج مسافرا يقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، وسوء المنظر في الأهل والمال» أخرجه مسلم في الحج برقم (١٣٤٣)، وابن ماجة ٢/ ١٢٧٩، والترمذي (العارضة ١٣/ ٤)، والنسائي ٨/ ٢٧٢.

(٣) انظر أساس البلاغة ص ٩٨، ومجمل اللغة ١/ ٢٥٦.