مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

حيى

صفحة 268 - الجزء 1

  بِإِذْنِ رَبِّها}⁣[إبراهيم: ٢٥]، وللساعة، نحو: {حِينَ تُمْسُونَ وحِينَ تُصْبِحُونَ}⁣[الروم: ١٧]، وللزّمان المطلق، نحو: {هَلْ أَتى عَلَى الإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ}⁣[الدهر: ١]، {ولَتَعْلَمُنَّ نَبَأَه بَعْدَ حِينٍ}⁣[ص: ٨٨]. فإنما فسّر ذلك بحسب ما وجده قد علق به، ويقال:

  عاملته مُحَايَنَة: حينا وحينا، وأَحْيَنْتُ بالمكان:

  أقمت به حينا، وحَانَ حِينُ كذا، أي: قرب أوانه، وحَيَّنْتُ الشيء: جعلت له حينا، والحِينُ عبّر به عن حين الموت.

حيى

  الحياة تستعمل على أوجه:

  الأوّل: للقوّة النّامية الموجودة في النّبات والحيوان، ومنه قيل: نبات حَيٌّ، قال ø: {اعْلَمُوا أَنَّ الله يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها}⁣[الحديد: ١٧]، وقال تعالى: {وأَحْيَيْنا بِه بَلْدَةً مَيْتاً}⁣[ق: ١١]، {وجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}⁣[الأنبياء: ٣٠].

  الثانية: للقوّة الحسّاسة، وبه سمّي الحيوان حيوانا، قال ø: {وما يَسْتَوِي الأَحْياءُ ولَا الأَمْواتُ}⁣[فاطر: ٢٢]، وقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وأَمْواتاً}⁣[المرسلات: ٢٥ - ٢٦]، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}⁣[فصلت: ٣٩]، فقوله: {إِنَّ الَّذِي أَحْياها} إشارة إلى القوّة النّامية، وقوله: {لَمُحْيِ الْمَوْتى} إشارة إلى القوّة الحسّاسة.

  الثالثة: للقوّة العاملة العاقلة، كقوله تعالى: {أَومَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناه}⁣[الأنعام: ١٢٢]، وقول الشاعر:

  ١٣٠ - وقد أسمعت لو ناديت حيّا ... ولكن لا حياة لمن تنادي⁣(⁣١)

  والرابعة: عبارة عن ارتفاع الغمّ، وبهذا النظر قال الشاعر:

  ١٣١ - ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميّت الأحياء⁣(⁣٢)

  وعلى هذا قوله ø: {ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ الله أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ}⁣[آل عمران: ١٦٩]، أي: هم


(١) البيت لكثير عزة من قصيدة له يرثي بها خندفا الأسدي، ومطلعها:

شجا أظعان غاضرة الغوادي ... بغير مشورة عرضا فؤادي

وهو في ديوانه ص ٢٢٣، ومعجم البلدان ٤/ ١٩٤، والأغاني ١٢/ ١٧٣.

(٢) البيت لعدي ابن الرعلاء، والرعلاء أمه، وبعده:

إنما الميت من يعيش كئيبا ... كاسفا باله قليل الرجاء

وهو في معجم الشعراء ص ٢٥٢، وقطر الندى ص ٢٣٤، واللسان (موت)، والبصائر ٢/ ٥١٢.