مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ذيب

صفحة 334 - الجزء 1

  أي: التي حفرت والتي طويت، وأما (ذا) في (هذا) فإشارة إلى شيء محسوس، أو معقول، ويقال في المؤنّث: ذه وذي وتا، فيقال: هذه وهذي، وهاتا، ولا تثنّى منهنّ إلَّا هاتا، فيقال:

  هاتان. قال تعالى: {أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ}⁣[الإسراء: ٦٢]، {هذا ما تُوعَدُونَ}⁣[ص: ٥٣]، {هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِه تَسْتَعْجِلُونَ}⁣[الذاريات: ١٤]، {إِنْ هذانِ لَساحِرانِ}⁣[طه: ٦٣]، إلى غير ذلك {هذِه النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ}⁣[الطور: ١٤]، {هذِه جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ}⁣[الرحمن: ٤٣]، ويقال بإزاء هذا في المستبعد بالشخص أو بالمنزلة: (ذَاكَ) و (ذلك) قال تعالى: {ألم ذلِكَ الْكِتابُ}⁣[البقرة: ١ - ٢]، {ذلِكَ مِنْ آياتِ الله}⁣[الكهف: ١٧]، {ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى}⁣[الأنعام: ١٣١]، إلى غير ذلك. وقولهم: (ما ذا) يستعمل على وجهين:

  أحدهما. أن يكون (ما) مع (ذا) بمنزلة اسم واحد، والآخر: أن يكون (ذا) بمنزلة (الذي)، فالأوّل نحو قولهم: عمّا ذا تسأل؟ فلم تحذف الألف منه لمّا لم يكن ما بنفسه للاستفهام، بل كان مع ذا اسما واحدا، وعلى هذا قول الشاعر:

  ١٧٢ - دعي ما ذا علمت سأتّقيه⁣(⁣١)

  أي: دعي شيئا علمته. وقوله تعالى: {ويَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ}⁣[البقرة: ٢١٩]، فإنّ من قرأ: {قُلِ الْعَفْوَ}⁣(⁣٢) بالنّصب فإنّه جعل الاسمين بمنزلة اسم واحد، كأنّه قال: أيّ شيء ينفقون؟ ومن قرأ: {قُلِ الْعَفْوَ}⁣(⁣٣) بالرّفع، فإنّ (ذا) بمنزلة الذي، وما للاستفهام أي: ما الذي ينفقون؟ وعلى هذا قوله تعالى: {ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا أَساطِيرُ الأَوَّلِينَ}⁣[النحل: ٢٤]، و (أساطير) بالرّفع والنصب⁣(⁣٤).

ذيب

  الذيب: الحيوان المعروف، وأصله الهمز، قال تعالى: {فَأَكَلَه الذِّئْبُ}⁣[يوسف: ١٧]، وأرض مَذْأَبَة: كثيرة الذّئاب، وذُئِبَ فلان: وقع في غنمه الذّئب، وذَئِبَ⁣(⁣٥): صار كذئب في خبثه، وتَذَاءَبَتِ الرّيحُ: أتت من كلّ جانب


(١) هذا شطر بيت، وعجزه:

ولكن بالمغيّب نبئيني

وهو من شواهد سيبويه ١/ ٤٠٥، ولم يعرف قائله، وهو في الخزانة ٦/ ١٤٢، واللسان (ذا)، وهمع الهوامع ١/ ٨٤.

(٢) وبها قرأ جميع القراء إلا أبا عمرو. انظر: الإتحاف ص ١٥٧.

(٣) وهي قراءة أبي عمرو.

(٤) وقراءة الرفع هي الصحيحة المتواترة. وبها قرأ القرّاء العشر، أمّا قراءة النصب فهي شاذة.

(٥) قال الفيروزآبادي: وذؤب الرجل وذئب ككرم وفرح: خبث وصار كالذئب. انظر: البصائر ٣/ ٢٧.