مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

سرى

صفحة 408 - الجزء 1

  {وأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ}⁣[غافر: ٤٣]، أي:

  المتجاوزين الحدّ في أمورهم، وقال: {إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ}⁣[غافر: ٢٨]، وسمّي قوم لوط مسرفين⁣(⁣١)، من حيث إنهم تعدّوا في وضع البذر في الحرث المخصوص له المعنيّ بقوله: {نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ}⁣[البقرة: ٢٢٣]، وقوله: {يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ}⁣[الزمر: ٥٣]، فتناول الإسراف في المال، وفي غيره. وقوله في القصاص: {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}⁣[الإسراء: ٣٣]، فسرفه أن يقتل غير قاتله، إمّا بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه، أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهلية تفعله، وقولهم: مررت بكم فَسَرِفْتُكُمْ⁣(⁣٢)، أي: جهلتكم، من هذا، وذاك أنه تجاوز ما لم يكن حقّه أن يتجاوز فجهل، فلذلك فسّر به، والسُّرْفَةُ: دويبّة تأكل الورق، وسمّي بذلك لتصوّر معنى الإسراف منه، يقال:

  سُرِفَتِ الشجرةُ فهي مسروفة.

سرق

  السَّرِقَةُ: أخذ ما ليس له أخذه في خفاء، وصار ذلك في الشّرع لتناول الشيء من موضع مخصوص، وقدر مخصوص، قال تعالى: {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ}⁣[المائدة: ٣٨]، وقال تعالى: {قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَه مِنْ قَبْلُ}⁣[يوسف: ٧٧]، وقال: {أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ}⁣[يوسف: ٧٠]، {إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ}⁣[يوسف: ٨١]، واسْتَرَقَ السّمع: إذا تسمّع مستخفيا، قال تعالى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ}⁣[الحجر: ١٨]، والسَّرَقُ والسَّرَقَةُ واحد، وهو الحرير.

سرمد

  السَّرْمَدُ: الدّائم، قال تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً}⁣[القصص: ٧١]، وبعده: {النَّهارَ سَرْمَداً}⁣[القصص: ٧٢].

سرى

  السُّرَى: سير اللَّيل، يقال: سَرَى وأَسْرَى.

  قال تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ}⁣[هود: ٨١]، وقال تعالى: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِه لَيْلًا}⁣[الإسراء: ١]، وقيل: إنّ (أسرى) ليست من لفظة سرى يسري، وإنما هي من السَّرَاةِ، وهي أرض واسعة، وأصله من الواو، ومنه قول الشاعر:


(١) قال تعالى: {ولُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِه أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ} الأعراف / ٨٠ - ٨١.

(٢) حكى الأصمعيّ عن بعض الأعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا، فأخلفهم، فقيل له في ذلك، فقال: مررت بكم فسرفتكم، أي: أغفلتكم. انظر الصحاح، والعباب: سرف.