مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ساق

صفحة 436 - الجزء 1

  تنبيه أنّ ما يطلبونه - وإن لم يكن في الوقت حاصلا - فهو ممّا يكون بعد لا محالة، ويقتضي معنى المماطلة والتأخير، واشتقّ منه التَّسْوِيفُ اعتبارا بقول الواعد: سوف أفعل كذا، والسَّوْفُ:

  شمّ التّراب والبول، ومنه قيل للمفازة التي يَسُوفُ الدليل ترابها: مَسَافَةٌ، قال الشاعر:

  ٢٥٢ - إذا الدّليل اسْتَافَ أخلاق الطَّرق⁣(⁣١)

  والسُّوَافُ: مرض الإبل يشارف بها الهلاك، وذلك لأنها تشمّ الموت، أو يشمّها الموت، وإمّا لأنه ممّا سوف تموت منه.

ساق

  سَوْقُ الإبل: جلبها وطردها، يقال: سُقْتُه فَانْسَاقَ، والسَّيِّقَةُ: ما يُسَاقُ من الدّوابّ. وسُقْتُ المهر إلى المرأة، وذلك أنّ مهورهم كانت الإبل، وقوله: {إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ}⁣[القيامة: ٣٠]، نحو قوله: {وأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى}⁣[النجم: ٤٢]، وقوله: {سائِقٌ وشَهِيدٌ}⁣[ق: ٢١]، أي: ملك يَسُوقُه، وآخر يشهد عليه وله، وقيل: هو كقوله: {كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ}⁣[الأنفال: ٦]، وقوله: {والْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ}⁣[القيامة: ٢٩]، قيل:

  عني التفاف الساقين عند خروج الروح. وقيل:

  التفافهما عندما يلفّان في الكفن، وقيل: هو أن يموت فلا تحملانه بعد أن كانتا تقلَّانه، وقيل:

  أراد التفاف البليّة بالبليّة نحو قوله تعالى: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}⁣[القلم: ٤٢]، من قولهم:

  كشفت الحرب عن ساقها، وقال بعضهم في قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ}⁣[القلم: ٤٢]:

  إنه إشارة إلى شدّة⁣(⁣٢)، وهو أن يموت الولد في بطن الناقة فيدخل المذمّر يده في رحمها فيأخذ بساقه فيخرجه ميّتا، قال: فهذا هو الكشف عن الساق، فجعل لكلّ أمر فظيع. وقوله: {فَاسْتَوى عَلى سُوقِه}⁣[الفتح: ٢٩]، قيل:

  هو جمع ساق نحو: لابة ولوب، وقارة وقور، وعلى هذا: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ والأَعْناقِ}⁣[ص: ٣٣]، ورجل أَسْوَقُ، وامرأة سَوْقَاءُ بيّنة السّوق، أي: عظيمة السّاق، والسُّوقُ: الموضع الذي يجلب إليه المتاع للبيع، قال: {وقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي فِي الأَسْواقِ}⁣[الفرقان: ٧]، والسَّوِيقُ سمّي لِانْسِوَاقِه في الحلق من غير مضغ.


(١) الرجز لرؤبة، وهو في اللسان (سوف).

(٢) عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ} قال: عن شدّة الآخرة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:

قد قامت الحرب بنا على ساق

انظر: الدر المنثور ٨/ ٢٥٤.