مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

صدف

صفحة 480 - الجزء 1

  يكون كما قال الشاعر:

  ٢٨٠ - إذا نحن أثنينا عليك بصالح ... فأنت الذي نثني وفوق الذي نثني⁣(⁣١)

  وصَدَقَ قد يتعدّى إلى مفعولين نحو: {ولَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَه}⁣[آل عمران: ١٥٢]، وصَدَّقْتُ فلانا: نسبته إلى الصّدق، وأَصْدَقْتُه:

  وجدته صادقا، وقيل: هما واحد، ويقالان فيهما جميعا. قال: {ولَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ الله مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ}⁣[البقرة: ١٠١]، {وقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْه}⁣[المائدة: ٤٦]، ويستعمل التَّصْدِيقُ في كلّ ما فيه تحقيق، يقال: صدقني فعله وكتابه.

  قال تعالى: {ولَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ الله مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ}⁣[البقرة: ٨٩]، {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْه}⁣[آل عمران: ٣]، {وهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا}⁣[الأحقاف: ١٢]، أي: مصدّق ما تقدّم، وقوله: «لسانا» منتصب على الحال، وفي المثل: صدقني سنّ بكره⁣(⁣٢). والصَّدَاقَةُ: صدق الاعتقاد في المودّة، وذلك مختصّ بالإنسان دون غيره، قال: {فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ولا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}⁣[الشعراء: ١٠٠ - ١٠١]. وذلك إشارة إلى نحو قوله: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}⁣[الزخرف: ٦٧]، والصَّدَقَةُ: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزّكاة، لكن الصدّقة في الأصل تقال للمتطوّع به، والزّكاة للواجب، وقد يسمّى الواجب صدقة إذا تحرّى صاحبها الصّدق في فعله. قال: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣]، وقال: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ}⁣[التوبة: ٦٠]، يقال: صَدَّقَ وتَصَدَّقَ قال: {فَلا صَدَّقَ ولا صَلَّى}⁣[القيامة: ٣١]، {إِنَّ الله يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}⁣[يوسف: ٨٨]، {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ والْمُصَّدِّقاتِ}⁣[الحديد: ١٨]، في آي كثيرة.

  ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقّه: تَصَدَّقَ به، نحو قوله: {والْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِه فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه}⁣[المائدة: ٤٥]، أي: من تجافى عنه، وقوله: {وإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[البقرة: ٢٨٠]، فإنه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصّدقة⁣(⁣٣). وعلى هذا ما ورد عن النبيّ «ما


(١) البيت لأبي نواس، وبعده:

وإن جرت الألفاظ منا بمدحة ... لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني

وهو في مختارات البارودي ١/ ١١٤، والوساطة بين المتنبي وخصومه ص ٥٦، وتفسير القرطبي ١/ ١٣٥.

(٢) هذا مثل يضرب في الصدق، انظر: مجمع الأمثال ١/ ٣٩٢، وأساس البلاغة ص ٢٥١. ويجوز في (سن) الرفع والنصب.

(٣) راجع: تفسير الماوردي ١/ ٢٩٢.