صدف
  يكون كما قال الشاعر:
  ٢٨٠ - إذا نحن أثنينا عليك بصالح ... فأنت الذي نثني وفوق الذي نثني(١)
  وصَدَقَ قد يتعدّى إلى مفعولين نحو: {ولَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَه}[آل عمران: ١٥٢]، وصَدَّقْتُ فلانا: نسبته إلى الصّدق، وأَصْدَقْتُه:
  وجدته صادقا، وقيل: هما واحد، ويقالان فيهما جميعا. قال: {ولَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ الله مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ}[البقرة: ١٠١]، {وقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْه}[المائدة: ٤٦]، ويستعمل التَّصْدِيقُ في كلّ ما فيه تحقيق، يقال: صدقني فعله وكتابه.
  قال تعالى: {ولَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ الله مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ}[البقرة: ٨٩]، {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْه}[آل عمران: ٣]، {وهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا}[الأحقاف: ١٢]، أي: مصدّق ما تقدّم، وقوله: «لسانا» منتصب على الحال، وفي المثل: صدقني سنّ بكره(٢). والصَّدَاقَةُ: صدق الاعتقاد في المودّة، وذلك مختصّ بالإنسان دون غيره، قال: {فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ولا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}[الشعراء: ١٠٠ - ١٠١]. وذلك إشارة إلى نحو قوله: {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزخرف: ٦٧]، والصَّدَقَةُ: ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزّكاة، لكن الصدّقة في الأصل تقال للمتطوّع به، والزّكاة للواجب، وقد يسمّى الواجب صدقة إذا تحرّى صاحبها الصّدق في فعله. قال: {خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]، وقال: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ}[التوبة: ٦٠]، يقال: صَدَّقَ وتَصَدَّقَ قال: {فَلا صَدَّقَ ولا صَلَّى}[القيامة: ٣١]، {إِنَّ الله يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}[يوسف: ٨٨]، {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ والْمُصَّدِّقاتِ}[الحديد: ١٨]، في آي كثيرة.
  ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقّه: تَصَدَّقَ به، نحو قوله: {والْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِه فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَه}[المائدة: ٤٥]، أي: من تجافى عنه، وقوله: {وإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٨٠]، فإنه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصّدقة(٣). وعلى هذا ما ورد عن النبيّ ﷺ «ما
(١) البيت لأبي نواس، وبعده:
وإن جرت الألفاظ منا بمدحة ... لغيرك إنسانا فأنت الذي نعني
وهو في مختارات البارودي ١/ ١١٤، والوساطة بين المتنبي وخصومه ص ٥٦، وتفسير القرطبي ١/ ١٣٥.
(٢) هذا مثل يضرب في الصدق، انظر: مجمع الأمثال ١/ ٣٩٢، وأساس البلاغة ص ٢٥١. ويجوز في (سن) الرفع والنصب.
(٣) راجع: تفسير الماوردي ١/ ٢٩٢.