صلد
  والتّمجيد(١)، يقال: صَلَّيْتُ عليه، أي: دعوت له وزكَّيت، وقال #: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، وإن كان صائما فَلْيُصَلِّ»(٢) أي: ليدع لأهله، {وصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}[التوبة: ١٠٣]، {يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْه}[الأحزاب: ٥٦]، {وصَلَواتِ الرَّسُولِ}[التوبة: ٩٩]، وصَلَاةُ اللَّه للمسلمين هو في التّحقيق: تزكيته إيّاهم. وقال: {أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمَةٌ}[البقرة: ١٥٧]، ومن الملائكة هي الدّعاء والاستغفار، كما هي من النّاس(٣). قال تعالى: {إِنَّ الله ومَلائِكَتَه يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٦]، والصَّلَاةُ التي هي العبادة المخصوصة، أصلها: الدّعاء، وسمّيت هذه العبادة بها كتسمية الشيء باسم بعض ما يتضمّنه، والصَّلَاةُ من العبادات التي لم تنفكّ شريعة منها، وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع. ولذلك قال: {إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً}[النساء: ١٠٣]، وقال بعضهم: أصلُ الصَّلَاةِ من الصَّلَى(٤)، قال: ومعنى صَلَّى الرّجلُ، أي: أنه ذاد وأزال عن نفسه بهذه العبادة الصَّلَى الذي هو نار اللَّه الموقدة. وبناء صَلَّى كبناء مَرَّضَ لإزالة المرض، ويسمّى موضع العبادة الصَّلَاةَ، ولذلك سمّيت الكنائس صَلَوَاتٌ، كقوله: {لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وبِيَعٌ وصَلَواتٌ ومَساجِدُ}[الحج: ٤٠]، وكلّ موضع مدح اللَّه تعالى بفعل الصَّلَاةِ أو حثّ عليه ذكر بلفظ الإقامة، نحو: {والْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ}[النساء: ١٦٢]، {وأَقِيمُوا الصَّلاةَ}[البقرة: ٤٣]، {وأَقامُوا الصَّلاةَ}[البقرة: ٢٧٧]، ولم يقل: المُصَلِّينَ إلَّا في المنافقين، نحو قوله: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ}[الماعون: ٤ - ٥]، {ولا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وهُمْ كُسالى}[التوبة: ٥٤]، وإنما خصّ لفظ الإقامة تنبيها أنّ المقصود من فعلها توفية حقوقها
(١) ونقل هذا السخاوي في القول البديع ص ١١، وهو قول الخازرنجي صاحب تكملة العين. انظر تفسير الرازي ٢/ ٢٩.
(٢) الحديث عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب، فإن كان مفطرا فليأكل، وإن كان صائما فليصلّ» أخرجه مسلم في النكاح، باب الأمر بإجابة الداعي برقم (١٤٣١)، وأحمد في المسند ٣/ ٣٩٢، وانظر: شرح السنة ٦/ ٣٧٥.
(٣) قال السخاوي: نقل الترمذي عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الربّ الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار، وقيل: صلاة الملائكة الدعاء. انظر: القول البديع ص ١٠.
- وردّ هذا القول ابن القيم في جلاء الأفهام ص ٨١.
(٤) صلاء النار: حرّها.