مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ضر

صفحة 504 - الجزء 1

  {وإِذا مَسَّ الإِنْسانَ الضُّرُّ}⁣[يونس: ١٢]، وقوله: {فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْه ضُرَّه مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّه}⁣[يونس: ١٢]، يقال: ضَرَّه ضُرّاً: جلب إليه ضُرّاً، وقوله: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً}⁣[آل عمران: ١١١]، ينبّههم على قلَّة ما ينالهم من جهتهم، ويؤمّنهم من ضَرَرٍ يلحقهم نحو: {لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً}⁣[آل عمران: ١٢٠]، {ولَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً}⁣[المجادلة: ١٠]، {وما هُمْ بِضارِّينَ بِه مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله}⁣[البقرة: ١٠٢]، وقال تعالى: {ويَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ ولا يَنْفَعُهُمْ}⁣[البقرة: ١٠٢]، وقال: {يَدْعُوا مِنْ دُونِ الله ما لا يَضُرُّه وما لا يَنْفَعُه}⁣[الحج: ١٢]، وقوله: {يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّه أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِه}⁣[الحج: ١٣]. فالأوّل يعنى به الضُّرُّ والنّفع، اللَّذان بالقصد والإرادة، تنبيها أنه لا يقصد في ذلك ضَرّاً ولا نفعا لكونه جمادا. وفي الثاني يريد ما يتولَّد من الاستعانة به ومن عبادته، لا ما يكون منه بقصده، والضَّرَّاءُ يقابل بالسَّرَّاء والنّعماء، والضرّ بالنّفع. قال تعالى: {ولَئِنْ أَذَقْناه نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ}⁣[هود: ١٠]، {ولا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا ولا نَفْعاً}⁣[الفرقان: ٣]، ورجلٌ ضَرِيرٌ: كناية عن فقد بصره، وضَرِيرُ الوادي: شاطئه الذي ضَرَّه الماءُ، والضَّرِيرُ:

  المَضَارُّ، وقد ضَارَرْتُه. قال تعالى: {ولا تُضآرُّوهُنَّ}⁣[الطلاق: ٦]، وقال: {ولا يُضَارَّ كاتِبٌ ولا شَهِيدٌ}⁣[البقرة: ٢٨٢]، يجوز أن يكون مسندا إلى الفاعل، كأنه قال: لا يُضَارِرْ، وأن يكون مفعولا، أي: لا يُضَارَرْ، بأن يشعل عن صنعته ومعاشه باستدعاء شهادته، وقال: {لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها}⁣[البقرة: ٢٣٣]، فإذا قرئ بالرّفع فلفظه خبر ومعناه أمر، وإذا فتح فأمر⁣(⁣١). قال تعالى: {ضِراراً لِتَعْتَدُوا}⁣[البقرة: ٢٣١]، والضَّرَّةُ أصلُها الفَعْلة التي تَضُرُّ، وسمّي المرأتان تحت رجل واحد كلّ واحدة منهما ضَرَّةٌ، لاعتقادهم أنّها تَضُرُّ بالمرأة الأخرى، ولأجل هذا النّظر منهم قال النبيّ :

  «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها»⁣(⁣٢) والضَّرَّاءُ: التّزويج بِضَرَّةٍ، ورجلٌ مُضِرٌّ: ذو زوجين فصاعدا. وامرأةٌ مُضِرٌّ: لها ضَرَّةٌ. والاضْطِرَارُ: حمل الإنسان على ما يَضُرُّه، وهو في التّعارف حمله على أمر يكرهه، وذلك على ضربين:


(١) قرأ: {لا تُضَارَّ} بالرفع ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب، وقرأ أبو جعفر بسكونها مخففة والباقون بفتح الراء. انظر: الإتحاف ص ١٥٨، والحجة للفارسي ٢/ ٣٣٣.

(٢) الحديث عن أبي هريرة أنّ رسول اللَّه قال: «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صحفتها ولتنكح، فإنما لها ما قدّر لها» أخرجه مالك في الموطأ (انظر: تنوير الحوالك ٣/ ٩٣ جامع ما جاء في القدر)، والبخاري ١١/ ٤٣٢ في القدر، ومسلم (١٤٠٨) في النكاح.