مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ضرب

صفحة 505 - الجزء 1

  أحدهما: اضطرار بسبب خارج كمن يضرب، أو يهدّد، حتى يفعل منقادا، ويؤخذ قهرا، فيحمل على ذلك كما قال: {ثُمَّ أَضْطَرُّه إِلى عَذابِ النَّارِ}⁣[البقرة: ١٢٦]، {ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ}⁣[لقمان: ٢٤].

  والثاني: بسبب داخل وذلك إمّا بقهر قوّة له لا يناله بدفعها هلاك، كمن غلب عليه شهوة خمر أو قمار، وإمّا بقهر قوّة يناله بدفعها الهلاك، كمن اشتدّ به الجوع فَاضْطُرَّ إلى أكل ميتة، وعلى هذا قوله: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ}⁣[البقرة: ١٧٣]، {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ}⁣[المائدة: ٣]، وقال: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاه}⁣[النمل: ٦٢]، فهو عامّ في كلّ ذلك، والضَّرُورِيُّ يقال على ثلاثة أضرب:

  أحدها: إما يكون على طريق القهر والقسر، لا على الاختيار كالشّجر إذا حرّكته الرّيح الشّديدة.

  والثاني: ما لا يحصل وجوده إلَّا به نحو الغذاء الضَّرُورِيِّ للإنسان في حفظ البدن.

  والثالث: يقال فيما لا يمكن أن يكون على خلافه، نحو أن يقال: الجسم الواحد لا يصحّ حصوله في مكانين في حالة واحدة بالضَّرُورَةِ.

  وقيل: الضَّرَّةُ أصلُ الأنملة، وأصلُ الضّرع، والشّحمةُ المتدلَّيةُ من الألية.

ضرب

  الضَّرْبُ: إيقاعُ شيءٍ على شيء، ولتصوّر اختلاف الضّرب خولف بين تفاسيرها، كَضَرْبِ الشيءِ باليد، والعصا، والسّيف ونحوها، قال: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْناقِ واضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ}⁣[الأنفال: ١٢]، {فَضَرْبَ الرِّقابِ}⁣[محمد: ٤]، {فَقُلْنا اضْرِبُوه بِبَعْضِها}⁣[البقرة: ٧٣]، {أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ}⁣[الأعراف: ١٦٠]، {فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ}⁣[الصافات: ٩٣]، {يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ}⁣[محمد: ٢٧]، وضَرْبُ الأرضِ بالمطر، وضَرْبُ الدّراهمِ، اعتبارا بِضَرْبِ المطرقةِ، وقيل له: الطَّبع، اعتبارا بتأثير السّمة فيه، وبذلك شبّه السّجيّة، وقيل لها: الضَّرِيبَةُ والطَّبِيعَةُ. والضَّرْبُ في الأَرْضِ: الذّهاب فيها وضَرْبُهَا بالأرجلِ.

  قال تعالى: {وإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ}⁣[النساء: ١٠١]، {وقالُوا لإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ}⁣[آل عمران: ١٥٦]، وقال: {لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ}⁣[البقرة: ٢٧٣]، ومنه: {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ}⁣[طه: ٧٧]، وضَرَبَ الفحلُ الناقةَ تشبيها بالضَّرْبِ بالمطرقة، كقولك: طَرَقَهَا، تشبيها بالطَّرق بالمطرقة، وضَرَبَ الخيمةَ بضرب أوتادها بالمطرقة، وتشبيها بالخيمة قال: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ}⁣[آل عمران: ١١٢]، أي: