مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ظعن

صفحة 536 - الجزء 1

  فيسجد للَّه، وأمّا أنت فتكفر به⁣(⁣١)، وظِلٌّ ظَلِيلٌ:

  فائض، وقوله: {ونُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلًا}⁣[النساء: ٥٧]، كناية عن غضارة العيش، والظُّلَّةُ: سحابةٌ تُظِلُّ، وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره. قال تعالى: {كَأَنَّه ظُلَّةٌ}⁣[الأعراف: ١٧١]، {عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ}⁣[الشعراء: ١٨٩]، {أَنْ يَأْتِيَهُمُ الله فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ}⁣[البقرة: ٢١٠]، أي: عذابه يأتيهم، والظُّلَلُ: جمعُ ظُلَّةٍ، كغُرْفَةٍ وغُرَفٍ، وقُرْبَةٍ وقُرَبٍ، وقرئ: (في ظِلَالٍ)⁣(⁣٢) وذلك إمّا جمع ظُلَّةٍ نحو: غُلْبَةٍ وغِلَابٍ، وحُفْرَةٍ وحِفَارٍ، وإمّا جمعُ ظِلّ نحو: {يَتَفَيَّؤُا ظِلالُه}⁣[النحل: ٤٨]، وقال بعض أهل اللَّغة: يقال للشّاخص ظِلٌّ. قال: ويدلّ على ذلك قول الشاعر:

  ٣٠٥ - لمّا نزلنا رفعنا ظِلَّ أخبيةٍ⁣(⁣٣)

  وقال: ليس ينصبون الظِّلَّ الذي هو الفيء إنّما ينصبون الأخبية، وقال آخر:

  ٣٠٦ - يتبع أفياء الظِّلَالِ عشيّة⁣(⁣٤)

  أي: أفياء الشّخوص، وليس في هذا دلالة فإنّ قوله: (رفعنا ظِلَّ أخبيةٍ)، معناه: رفعنا الأخبية فرفعنا به ظِلَّهَا، فكأنّه رفع الظِّلَّ. وقوله:

  أفياءُ الظِّلَالِ فَالظِّلَالُ عامٌّ والفيءُ خاصّ، وقوله: (أفياءُ الظِّلَالِ)، هو من إضافة الشيء إلى جنسه. والظُّلَّةُ أيضا: شيءٌ كهيئة الصُّفَّة، وعليه حمل قوله تعالى: {وإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ}⁣[لقمان: ٣٢]، أي: كقطع السّحاب. وقوله تعالى: {لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ومِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ}⁣[الزمر: ١٦]، وقد يقال: ظِلٌّ لكلّ ساتر محمودا كان أو مذموما، فمن المحمود قوله: {ولَا الظِّلُّ ولَا الْحَرُورُ}⁣[فاطر: ٢١]، وقوله: {ودانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها}⁣[الإنسان: ١٤]، ومن المذموم قوله: {وظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ}⁣[الواقعة: ٤٣]، وقوله: {إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ}⁣[المرسلات: ٣٠]، الظِّلُّ هاهنا كالظُّلَّةِ لقوله: {ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ}⁣[الزمر: ١٦]، وقوله: {لا ظَلِيلٍ}⁣[المرسلات: ٣١]، لا يفيد فائدة الظِّلِّ في كونه واقيا عن الحرّ، وروي: «أنّ النبيّ كان إذا


(١) انظر: الدر المنثور ٤/ ٦٣٠.

(٢) وهي قراءة شاذة، قرأ بها قتادة وأبيّ بن كعب وابن مسعود. انظر: إعراب القرآن للنحاس، والبحر المحيط ٢/ ١٢٥.

(٣) هذا شطر بيت لعبدة بن الطيب، وعجزه:

وفار باللحم للقوم المراجيل وهو في المفضليات ص ١٤١، وشرح المفضليات للتبريزي ٢/ ٦٧١.

المعنى: رفعنا الأخبية فتظللنا بها.

(٤) الشطر في عمدة الحفاظ (ظلل) دون نسبة.