مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ظهر

صفحة 540 - الجزء 1

  يكن ذلك متيقنا، وقوله: {يَظُنُّونَ بِالله غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ}⁣[آل عمران: ١٥٤]، أي:

  يَظُنُّونَ أنّ النبيّ لم يصدقهم فيما أخبرهم به كما ظَنَّ الجاهليّة، تنبيها أنّ هؤلاء المنافقين هم في حيّز الكفار، وقوله: {وظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ}⁣[الحشر: ٢]، أي: اعتقدوا اعتقادا كانوا منه في حكم المتيقّنين، وعلى هذا قوله: {ولكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ الله لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ}⁣[فصلت: ٢٢]، وقوله: {الظَّانِّينَ بِالله ظَنَّ السَّوْءِ}⁣[الفتح: ٦]، هو مفسّر بما بعده، وهو قوله: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ}⁣[الفتح: ١٢]، {إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا}⁣[الجاثية: ٣٢]، والظَّنُّ في كثير من الأمور مذموم، ولذلك قال تعالى: {وما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا}⁣[يونس: ٣٦]، {وإِنَّ الظَّنَّ}⁣[النجم: ٢٨]، {وأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ}⁣[الجن: ٧]، وقرئ: وما هو على الغيب بِظَنِينٍ⁣(⁣١) أي: بمتّهم.

ظهر

  الظَّهْرُ الجارحةُ، وجمعه ظُهُورٌ. قال ø: {وأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَه وَراءَ ظَهْرِه}⁣[الانشقاق: ١٠]، {مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}⁣[الأعراف: ١٧٢]، {أَنْقَضَ ظَهْرَكَ}⁣[الشرح: ٣]، والظَّهْرُ هاهنا استعارة تشبيها للذّنوب بالحمل الذي ينوء بحامله، واستعير لِظَاهِرِ الأرضِ، فقيل: ظَهْرُ الأرضِ وبطنها. قال تعالى: {ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ}⁣[فاطر: ٤٥]، ورجلٌ مُظَهَّرٌ: شديدُ الظَّهْرِ، وظَهِرَ: يشتكي ظَهْرَه.

  ويعبّر عن المركوب بِالظَّهْرِ، ويستعار لمن يتقوّى به، وبعير ظَهِيرٌ: قويّ بيّن الظَّهَارَةِ، وظِهْرِيٌّ:

  معدّ للرّكوب، والظِّهْرِيُّ أيضا: ما تجعله بِظَهْرِكَ فتنساه. قال تعالى: {وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا}⁣[هود: ٩٢]، وظَهَرَ عليه: غلبه، وقال: {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ}⁣[الكهف: ٢٠]، وظاهَرْتُه:

  عاونته. قال تعالى: {وظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ}⁣[الممتحنة: ٩]، {وإِنْ تَظاهَرا عَلَيْه}⁣[التحريم: ٤]، أي: تعاونا، {تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالإِثْمِ والْعُدْوانِ}⁣[البقرة: ٨٥]، وقرئ: (تَظَّاهَرَا)⁣(⁣٢)، {الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ}⁣[الأحزاب: ٢٦]، {وما لَه مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ}⁣[سبأ: ٢٢]، أي: معين⁣(⁣٣). {فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ}⁣[القصص: ٨٦]، {والْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ}⁣[التحريم: ٤]، {وكانَ الْكافِرُ عَلى رَبِّه ظَهِيراً}⁣[الفرقان: ٥٥]،


(١) سورة التكوير: آية ٢٤، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو والكسائي ورويس. انظر: إرشاد المبتدي ص ٦٢٣.

(٢) وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر ويعقوب. انظر الإتحاف ص ٤١٩.

(٣) وهو قول أبي عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١٤٧.