مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ظهر

صفحة 541 - الجزء 1

  أي: معينا للشّيطان على الرّحمن. وقال أبو عبيدة⁣(⁣١): الظَّهِيرُ هو المَظْهُورُ به. أي: هيّنا على ربّه كالشّيء الذي خلَّفته، من قولك:

  ظَهَرْتُ بكذا، أي: خلفته ولم ألتفت إليه.

  والظِّهَارُ: أن يقول الرّجل لامرأته: أنت عليّ كَظَهْرِ أمّي، يقال: ظَاهَرَ من امرأته. قال تعالى: {والَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ}⁣[المجادلة: ٣]، وقرئ: يظاهرون⁣(⁣٢) أي: يَتَظَاهَرُونَ، فأدغم، و {يَظْهَرُونَ}⁣(⁣٣)، وظَهَرَ الشّيءُ أصله:

  أن يحصل شيء على ظَهْرِ الأرضِ فلا يخفى، وبَطَنَ إذا حصل في بطنان الأرض فيخفى، ثمّ صار مستعملا في كلّ بارز مبصر بالبصر والبصيرة. قال تعالى: {أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسادَ}⁣[غافر: ٢٦]، {ما ظَهَرَ مِنْها وما بَطَنَ}⁣[الأعراف: ٣٣]، {إِلَّا مِراءً ظاهِراً}⁣[الكهف: ٢٢]، {يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا}⁣[الروم: ٧]، أي: يعلمون الأمور الدّنيويّة دون الأخرويّة، والعلمُ الظَّاهِرُ والباطن تارة يشار بهما إلى المعارف الجليّة والمعارف الخفيّة، وتارة إلى العلوم الدّنيوية، والعلوم الأخرويّة، وقوله: {باطِنُه فِيه الرَّحْمَةُ وظاهِرُه مِنْ قِبَلِه الْعَذابُ}⁣[الحديد: ١٣]، وقوله: {ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ}⁣[الروم: ٤١]، أي: كثر وشاع، وقوله: {نِعَمَه ظاهِرَةً وباطِنَةً}⁣[لقمان: ٢٠]، يعني بالظَّاهِرَةِ: ما نقف عليها، وبالباطنة: ما لا نعرفها، وإليه أشار بقوله: {وإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ الله لا تُحْصُوها}⁣[النحل: ١٨]، وقوله: {قُرىً ظاهِرَةً}⁣[سبأ: ١٨]، فقد حمل ذلك على ظَاهِرِه، وقيل: هو مثل لأحوال تختصّ بما بعد هذا الكتاب إن شاء اللَّه، وقوله: {فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِه أَحَداً}⁣[الجن: ٢٦]، أي: لا يطلع عليه، وقوله: {لِيُظْهِرَه عَلَى الدِّينِ كُلِّه}⁣[التوبة: ٣٣]، يصحّ أن يكون من البروز، وأن يكون من المعاونة والغلبة، أي: ليغلَّبه على الدّين كلَّه. وعلى هذا قوله: {إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ}⁣[الكهف: ٢٠]، وقوله تعالى: {يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الأَرْضِ}⁣[غافر: ٢٩]، {فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوه}⁣[الكهف: ٩٧]، وصلاة الظُّهْرِ معروفةٌ، والظَّهِيرَةُ: وقتُ الظُّهْرِ، وأَظْهَرَ فلانٌ: حصل في ذلك الوقت، على بناء أصبح وأمسى⁣(⁣٤). قال تعالى: {ولَه الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ وعَشِيًّا وحِينَ تُظْهِرُونَ}⁣[الروم: ١٨].

  تمّ كتاب الظاء


(١) انظر: مجاز القرآن ٢/ ٧٧.

(٢) قرأ يظَّاهرون بفتح الياء وتشديد الظاء وبألف، ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وأبو جعفر. انظر: إرشاد المبتدي ص ٥٨٦.

(٣) وقرأ يظَّهرون نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب. انظر: إرشاد المبتدي ٥٨٦.

(٤) راجع صفحة ٨٢ حاشية ١.