مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عبد

صفحة 542 - الجزء 1

كتاب العين

عبد

  العُبُودِيَّةُ: إظهار التّذلَّل، والعِبَادَةُ أبلغُ منها، لأنها غاية التّذلَّل، ولا يستحقّها إلا من له غاية الإفضال، وهو اللَّه تعالى، ولهذا قال: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه}⁣[الإسراء: ٢٣].

  والعِبَادَةُ ضربان:

  عِبَادَةٌ بالتّسخير، وهو كما ذكرناه في السّجود.

  وعِبَادَةٌ بالاختيار، وهي لذوي النّطق، وهي المأمور بها في نحو قوله: {اعْبُدُوا رَبَّكُمُ}⁣[البقرة: ٢١]، {واعْبُدُوا الله}⁣[النساء: ٣٦].

  والعَبْدُ يقال على أربعة أضرب:

  الأوّل: عَبْدٌ بحكم الشّرع، وهو الإنسان الذي يصحّ بيعه وابتياعه، نحو: {الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}⁣[البقرة: ١٧٨]، و {عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ}⁣[النحل: ٧٥].

  الثاني: عَبْدٌ بالإيجاد، وذلك ليس إلَّا للَّه، وإيّاه قصد بقوله: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ والأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً}⁣[مريم: ٩٣].

  والثالث: عَبْدٌ بالعِبَادَةِ والخدمة، والناس في هذا ضربان:

  عبد للَّه مخلص، وهو المقصود بقوله: {واذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ}⁣[ص: ٤١]، {إِنَّه كانَ عَبْداً شَكُوراً}⁣[الإسراء: ٣]، {نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِه}⁣[الفرقان: ١]، {عَلى عَبْدِه الْكِتابَ}⁣[الكهف: ١]، {إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ}⁣[الحجر: ٤٢]، {كُونُوا عِباداً لِي}⁣[آل عمران: ٧٩]، {إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}⁣[الحجر: ٤٠]، {وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَه بِالْغَيْبِ}⁣[مريم: ٦١]، {وعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً}⁣[الفرقان: ٦٣]، {فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا}⁣[الدخان: ٢٣]، {فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا}⁣[الكهف: ٦٥].

  وعَبْدٌ للدّنيا وأعراضها، وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها، وإيّاه قصد النّبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «تعس عَبْدُ الدّرهمِ، تعس عَبْدُ