مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عجب

صفحة 547 - الجزء 1

عجب

  العَجَبُ والتَّعَجُّبُ: حالةٌ تعرض للإنسان عند الجهل بسبب الشيء، ولهذا قال بعض الحكماء:

  العَجَبُ ما لا يُعرف سببه، ولهذا قيل: لا يصحّ على اللَّه التَّعَجُّبُ، إذ هو علَّام الغيوب لا تخفى عليه خافية. يقال: عَجِبْتُ عَجَباً، ويقال للشيء الذي يُتَعَجَّبُ منه: عَجَبٌ، ولما لم يعهد مثله عَجِيبٌ.

  قال تعالى: {أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا}⁣[يونس: ٢]، تنبيها أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبله، وقوله: {بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ}⁣[ق: ٢]، {وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ}⁣[الرعد: ٥]، {كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً}⁣[الكهف: ٩]، أي: ليس ذلك في نهاية العَجَبِ بل في أمورنا أعظم وأَعْجَبُ منه. {قُرْآناً عَجَباً}⁣[الجن: ١]، أي: لم يعهد مثله، ولم يعرف سببه. ويستعار مرّة للمونق فيقال: أَعْجَبَنِي كذا أي: راقني. قال تعالى: {ومِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُه}⁣[البقرة: ٢٠٤]، {ولا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ}⁣[التوبة: ٨٥]، {ويَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ}⁣[التوبة: ٢٥]، {أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُه}⁣[الحديد: ٢٠]، وقال: {بَلْ عَجِبْتَ ويَسْخَرُونَ}⁣[الصافات: ١٢]، أي: عَجِبْتَ من إنكارهم للبعث لشدّة تحقّقك معرفته، ويسخرون لجهلهم. وقيل: عَجِبْتَ من إنكارهم الوحيَ، وقرأ بعضهم: {بَلْ عَجِبْتَ}⁣(⁣١) بضمّ التاء، وليس ذلك إضافة المُتَعَجِّبِ إلى نفسه في الحقيقة بل معناه: أنه ممّا يقال عنده: عَجِبْتُ، أو يكون عَجِبْتُ مستعارا بمعنى أنكرت، نحو: {أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ الله}⁣[هود: ٧٣]، {إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ}⁣[ص: ٥]، ويقال لمن يروقه نفسه: فلانٌ مُعْجبٌ بنفسه، والعَجْبُ من كلّ دابّة: ما ضَمرَ وَرِكُه.

عجز

  عَجُزُ الإنسانِ: مُؤَخَّرُه، وبه شُبِّه مُؤَخَّرُ غيرِه.

  قال تعالى: {كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ}⁣[القمر: ٢٠]، والعَجْزُ أصلُه التَّأَخُّرُ عن الشيء، وحصوله عند عَجُزِ الأمرِ، أي: مؤخّره، كما ذكر في الدّبر، وصار في التّعارف اسما للقصور عن فعل الشيء، وهو ضدّ القدرة. قال تعالى: {أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ}⁣[المائدة: ٣١]، وأَعْجَزْتُ فلاناً وعَجَّزْتُه وعَاجَزْتُه: جعلته عَاجِزاً. قال: {واعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله}⁣[التوبة: ٢]، {وما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ}⁣[الشورى: ٣١]، {والَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ}⁣[الحج: ٥١]، وقرئ: معجزين⁣(⁣٢) فَمُعَاجِزِينَ قيل: معناه ظانّين ومقدّرين أنهم يُعْجِزُونَنَا، لأنهم


(١) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف. انظر: إرشاد المبتدي ص ٥٢١.

(٢) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو بن العلاء. انظر: إرشاد المبتدي ص ٤٥٠.