عرف
  {فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ}[سبأ: ١٦]، وقوله: {وجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ والأَرْضُ}[آل عمران: ١٣٣]، فقد قيل: هو العَرْضُ الذي خلاف الطَّول، وتصوُّرُ ذلك على أحد وجوه: إمّا أن يريد به أن يكون عَرْضُهَا في النّشأة الآخرة كَعَرْضِ السّموات والأرض في النّشأة الأولى، وذلك أنه قد قال: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ والسَّماواتُ}[إبراهيم: ٤٨]، ولا يمتنع أن تكون السّموات والأرض في النّشأة الآخرة أكبر ممّا هي الآن. وروي أنّ يهوديّا سأل عمر ¥ عن هذه الآية فقال: فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار(١).
  وقيل: يعني بِعَرْضِهَا سَعَتَهَا لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرّة، كما يقال في ضدّه:
  الدّنيا على فلان حلقة خاتم، وكفّة حابل، وسعة هذه الدار كسعة الأرض، وقيل: العَرْضُ هاهنا من عَرْضِ البيعِ(٢)، من قولهم: بيع كذا بِعَرْضٍ: إذا بيع بسلعة، فمعنى عَرْضُهَا أي: بدلها وعوضها، كقولك: عَرْضُ هذا الثّوب كذا وكذا. والعَرَضُ: ما لا يكون له ثباتٌ، ومنه استعار المتكلَّمون العَرَضَ لما لا ثبات له إلَّا بالجوهر كاللَّون والطَّعم، وقيل: الدّنيا عَرَضٌ حاضرٌ(٣)، تنبيها أن لا ثبات لها. قال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا والله يُرِيدُ الآخِرَةَ}[الأنفال: ٦٧]، وقال: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الأَدْنى ويَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا وإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُه}[الأعراف: ١٦٩]، وقوله: {لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً}[التوبة: ٤٢]، أي: مطلبا سهلا.
  والتَّعْرِيضُ: كلامٌ له وجهان من صدق وكذب، أو ظاهر وباطن. قال: {ولا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِه مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ}[البقرة: ٢٣٥]، قيل: هو أن يقول لها: أنت جميلةٌ، ومرغوب فيك ونحو ذلك.
عرف
  المَعْرِفَةُ والعِرْفَانُ: إدراك الشيء بتفكَّر وتدبّر لأثره، وهو أخصّ من العلم، ويضادّه الإنكار، ويقال: فلان يَعْرِفُ اللَّه ولا يقال: يعلم اللَّه متعدّيا
(١) أخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول اللَّه ﷺ فقال: أرأيت قوله: {وجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ والأَرْضُ} فأين النار؟ قال: أرأيت الليل إذا لبس كلّ شيء فأين النهار؟ قال: حيث شاء اللَّه. قال: فكذلك حيث شاء اللَّه. المستدرك ١/ ٣٦.
- وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب أنّ ناسا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب عن: {جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ والأَرْضُ} فأين النار؟ فقال عمر: إذا جاء الليل فأين النهار، وإذا جاء النهار فأين الليل؟ فقالوا: لقد نزعت مثلها من التوراة. راجع: الدر المنثور ٢/ ٣١٥.
(٢) وهذا قول أبي مسلم الأصفهاني محمد بن بحر. قال بيان الحق النيسابوري: وتعسّف ابن بحر في تأويلها فقال:
عرضها: ثمنها لو جاز بيعها، من المعاوضة في عقود البياعات. انظر: وضح البرهان بتحقيقنا ١/ ٢٥١.
(٣) انظر البصائر ٤/ ٤٦، وعمدة الحفاظ: عرض.