مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عرف

صفحة 561 - الجزء 1

  إلى مفعول واحد، لمّا كان مَعْرِفَةُ البشرِ للَّه هي بتدبّر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال: اللَّه يعلم كذا، ولا يقال: يَعْرِفُ كذا، لمّا كانت المَعْرِفَةُ تستعمل في العلم القاصر المتوصّل به بتفكَّر، وأصله من: عَرَفْتُ. أي: أصبت عَرْفَه. أي:

  رائحتَه، أو من أصبت عَرْفَه. أي: خدّه، يقال:

  عَرَفْتُ كذا. قال تعالى: {فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا}⁣[البقرة: ٨٩]، {فَعَرَفَهُمْ وهُمْ لَه مُنْكِرُونَ}⁣[يوسف: ٥٨]، {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ}⁣[محمد: ٣٠]، {يَعْرِفُونَه كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ}⁣[البقرة: ١٤٦]. ويضادّ المَعْرِفَةُ الإنكار، والعلم الجهل. قال: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ الله ثُمَّ يُنْكِرُونَها}⁣[النحل: ٨٣]، والعَارِفُ في تَعَارُفِ قومٍ:

  هو المختصّ بمعرفة اللَّه، ومعرفة ملكوته، وحسن معاملته تعالى، يقال: عَرَّفَه كذا. قال تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَه وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}⁣[التحريم: ٣]، وتَعَارَفُوا: عَرَفَ بعضهم بعضا. قال: {لِتَعارَفُوا}⁣[الحجرات: ١٣]، وقال: {يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ}⁣[يونس: ٤٥]، وعَرَّفَه:

  جعل له عَرْفاً. أي: ريحا طيّبا. قال في الجنّة: {عَرَّفَها لَهُمْ}⁣[محمد: ٦]، أي: طيّبها وزيّنها⁣(⁣١) لهم، وقيل: عَرَّفَهَا لهم بأن وصفها لهم، وشوّقهم إليها وهداهم. وقوله: {فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ}⁣[البقرة: ١٩٨]، فاسم لبقعة مخصوصة، وقيل: سمّيت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحوّاء⁣(⁣٢)، وقيل: بل لِتَعَرُّفِ العباد إلى اللَّه تعالى بالعبادات والأدعية. والمَعْرُوفُ:

  اسمٌ لكلّ فعل يُعْرَفُ بالعقل أو الشّرع حسنه، والمنكر: ما ينكر بهما. قال: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣[آل عمران: ١٠٤]، وقال تعالى: {وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْه عَنِ الْمُنْكَرِ}⁣[لقمان: ١٧]، {وقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً}⁣[الأحزاب: ٣٢]، ولهذا قيل للاقتصاد في الجود:

  مَعْرُوفٌ، لمّا كان ذلك مستحسنا في العقول وبالشّرع. نحو: {ومَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}⁣[النساء: ٦]، {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ}⁣[النساء: ١١٤]، {ولِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}⁣[البقرة: ٢٤١]، أي:

  بالاقتصاد والإحسان، وقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}⁣[الطلاق: ٢]، وقوله: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ومَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ}⁣[البقرة: ٢٦٣]، أي: ردّ بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك، والعُرْفُ: المَعْرُوفُ من الإحسان، وقال: {وأْمُرْ بِالْعُرْفِ}⁣[الأعراف: ١٩٩]. وعُرْفُ الفرسِ والدّيك مَعْرُوفٌ، وجاء القطا عُرْفاً. أي: متتابعة. قال


(١) انظر وضح البرهان بتحقيقنا ٢/ ٢٣٥.

(٢) وهذا قول الضحاك: انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ١/ ٣٠٦.