عرف
  إلى مفعول واحد، لمّا كان مَعْرِفَةُ البشرِ للَّه هي بتدبّر آثاره دون إدراك ذاته، ويقال: اللَّه يعلم كذا، ولا يقال: يَعْرِفُ كذا، لمّا كانت المَعْرِفَةُ تستعمل في العلم القاصر المتوصّل به بتفكَّر، وأصله من: عَرَفْتُ. أي: أصبت عَرْفَه. أي:
  رائحتَه، أو من أصبت عَرْفَه. أي: خدّه، يقال:
  عَرَفْتُ كذا. قال تعالى: {فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا}[البقرة: ٨٩]، {فَعَرَفَهُمْ وهُمْ لَه مُنْكِرُونَ}[يوسف: ٥٨]، {فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ}[محمد: ٣٠]، {يَعْرِفُونَه كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ}[البقرة: ١٤٦]. ويضادّ المَعْرِفَةُ الإنكار، والعلم الجهل. قال: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ الله ثُمَّ يُنْكِرُونَها}[النحل: ٨٣]، والعَارِفُ في تَعَارُفِ قومٍ:
  هو المختصّ بمعرفة اللَّه، ومعرفة ملكوته، وحسن معاملته تعالى، يقال: عَرَّفَه كذا. قال تعالى: {عَرَّفَ بَعْضَه وأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}[التحريم: ٣]، وتَعَارَفُوا: عَرَفَ بعضهم بعضا. قال: {لِتَعارَفُوا}[الحجرات: ١٣]، وقال: {يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ}[يونس: ٤٥]، وعَرَّفَه:
  جعل له عَرْفاً. أي: ريحا طيّبا. قال في الجنّة: {عَرَّفَها لَهُمْ}[محمد: ٦]، أي: طيّبها وزيّنها(١) لهم، وقيل: عَرَّفَهَا لهم بأن وصفها لهم، وشوّقهم إليها وهداهم. وقوله: {فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ}[البقرة: ١٩٨]، فاسم لبقعة مخصوصة، وقيل: سمّيت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحوّاء(٢)، وقيل: بل لِتَعَرُّفِ العباد إلى اللَّه تعالى بالعبادات والأدعية. والمَعْرُوفُ:
  اسمٌ لكلّ فعل يُعْرَفُ بالعقل أو الشّرع حسنه، والمنكر: ما ينكر بهما. قال: {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[آل عمران: ١٠٤]، وقال تعالى: {وأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وانْه عَنِ الْمُنْكَرِ}[لقمان: ١٧]، {وقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً}[الأحزاب: ٣٢]، ولهذا قيل للاقتصاد في الجود:
  مَعْرُوفٌ، لمّا كان ذلك مستحسنا في العقول وبالشّرع. نحو: {ومَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ٦]، {إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ}[النساء: ١١٤]، {ولِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ}[البقرة: ٢٤١]، أي:
  بالاقتصاد والإحسان، وقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}[الطلاق: ٢]، وقوله: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ ومَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ}[البقرة: ٢٦٣]، أي: ردّ بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك، والعُرْفُ: المَعْرُوفُ من الإحسان، وقال: {وأْمُرْ بِالْعُرْفِ}[الأعراف: ١٩٩]. وعُرْفُ الفرسِ والدّيك مَعْرُوفٌ، وجاء القطا عُرْفاً. أي: متتابعة. قال
(١) انظر وضح البرهان بتحقيقنا ٢/ ٢٣٥.
(٢) وهذا قول الضحاك: انظر: شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ١/ ٣٠٦.