مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عقل

صفحة 578 - الجزء 1

  ٣٢٨ - ولا ينفع مسموع ... إذا لم يك مطبوع

  ٣٢٩ - كما لا ينفع الشّمس ... وضوء العين ممنوع⁣(⁣١)

  وإلى الأوّل أشار بقوله: «ما خلق اللَّه خلقا أكرم عليه من العقل»⁣(⁣٢) وإلى الثاني أشار بقوله: «ما كسب أحد شيئا أفضل من عقل يهديه إلى هدى أو يرّدّه عن ردى»⁣(⁣٣) وهذا العقل هو المعنيّ بقوله: {وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ}⁣[العنكبوت: ٤٣]، وكلّ موضع ذمّ اللَّه فيه الكفّار بعدم العقل فإشارة إلى الثاني دون الأوّل، نحو: {ومَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ}⁣(⁣٤) إلى قوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ}⁣(⁣٥) ونحو ذلك من الآيات، وكلّ موضع رفع فيه التّكليف عن العبد لعدم العقل فإشارة إلى الأوّل. وأصل العَقْل: الإمساك والاستمساك، كعقل البعير بالعِقَال، وعَقْل الدّواء البطن، وعَقَلَتِ المرأة شعرها، وعَقَلَ لسانه: كفّه، ومنه قيل للحصن: مَعْقِلٌ، وجمعه مَعَاقِل. وباعتبار عقل البعير قيل: عَقَلْتُ المقتول: أعطيت ديته، وقيل: أصله أن تعقل الإبل بفناء وليّ الدّم، وقيل: بل بعقل الدّم أن يسفك، ثم سمّيت الدّية بأيّ شيء كان عَقْلًا، وسمّي الملتزمون له عاقلة، وعَقَلْتُ عنه: نبت عنه في إعطاء الدّية، ودية مَعْقُلَة على قومه: إذا صاروا بدونه، واعْتَقَلَه بالشّغزبيّة⁣(⁣٦): إذا صرعه، واعْتَقَلَ رمحه بين ركابه وساقه، وقيل: العِقَال:

  صدقة عام، لقول أبي بكر ¥ (لو منعوني عقالا لقاتلتهم)⁣(⁣٧) ولقولهم: أخذ النّقد


(١) الأبيات في ديوانه ص ١٢١، وأدب الدنيا والدين ص ١٥، وإحياء علوم الدين ١/ ٨٦.

(٢) الحديث عن أبي هريرة عن النبي قال: «إنّ اللَّه لما خلق العقل قال له: أقبل: فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أشرف منك، فبك آخذ وبك أعطي».

قال ابن تيمية: إنه كذب موضوع باتفاق، وقال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط وأبو نعيم بإسنادين ضعيفين. انظر: الإحياء مع تخريجه ١/ ٨٣، وحلية الأولياء ٧/ ٣١٨، وكشف الخفاء ١/ ٢٣٦.

(٣) الحديث عن عمر قال: قال رسول اللَّه: «ما اكتسب رجل مثل فضل عقل يهدي صاحبه إلى هدى، ويردّه عن ردى، وما تم إيمان عبد ولا استقام دينه حتى يكمل عقله» أ. هـ. قال العراقي: أخرجه ابن المحبّر في العقل، وعنه الحارث بن أبي أسامة. انظر: الإحياء ١/ ٨٣. قلت: داود بن المحبّر كذّاب، وقال ابن حجر: وأكثر (كتاب العقل) الذي صنّفه موضوعات. مات سنة ٢٠٦ هـ. انظر: تقريب التهذيب ص ٢٠٠.

(٤) الآية: {ومَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً ونِداءً صُمٌّ بُكْمٌ} سورة البقرة: آية ١٧١.

(٥) الآية: {ومَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً ونِداءً صُمٌّ بُكْمٌ} سورة البقرة: آية ١٧١.

(٦) الشّغزبيّة: ضرب من العقل.

(٧) وقال أبو بكر هذا لما ارتدّت العرب ومنعت الزكاة. وانظر: فتح الباري ٣/ ٢٦٢.