مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

علم

صفحة 580 - الجزء 1

  وقال: {ولَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ} إلى قوله: {فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً}⁣(⁣١) والعِلْقُ: الشّيء النّفيس الذي يتعلَّق به صاحبه فلا يفرج عنه، والعَلِيقُ: ما عُلِّقَ على الدّابّة من القضيم، والعَلِيقَةُ: مركوب يبعثها الإنسان مع غيره فيغلق أمره. قال الشاعر:

  ٣٣٠ - أرسلها عليقة وقد علم ... أنّ العليقات يلاقين الرّقم⁣(⁣٢)

  والعَلُوقُ: النّاقة التي ترأم ولدها فتعلق به، وقيل للمنيّة: عَلُوقٌ، والعَلْقَى: شجر يتعلَّق به، وعَلِقَتِ المرأة: حبلت، ورجل مِعْلَاقٌ: يتعلق بخصمه.

علم

  العِلْمُ: إدراك الشيء بحقيقته، وذلك ضربان:

  أحدهما: إدراك ذات الشيء.

  والثاني: الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له، أو نفي شيء هو منفيّ عنه.

  فالأوّل: هو المتعدّي إلى مفعول واحد نحو: {لا تَعْلَمُونَهُمُ الله يَعْلَمُهُمْ}⁣[الأنفال: ٦٠].

  والثاني: المتعدّي إلى مفعولين، نحو قوله: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ}⁣[الممتحنة: ١٠]، وقوله: {يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرُّسُلَ} إلى قوله: {لا عِلْمَ لَنا}⁣(⁣٣) فإشارة إلى أنّ عقولهم طاشت. والعِلْمُ من وجه ضربان: نظريّ وعمليّ.

  فالنّظريّ: ما إذا علم فقد كمل، نحو: العلم بموجودات العالَم.

  والعمليّ: ما لا يتمّ إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات.

  ومن وجه آخر ضربان: عقليّ وسمعيّ، وأَعْلَمْتُه وعَلَّمْتُه في الأصل واحد، إلَّا أنّ الإعلام اختصّ بما كان بإخبار سريع، والتَّعْلِيمُ اختصّ بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المُتَعَلِّمِ. قال بعضهم: التَّعْلِيمُ:

  تنبيه النّفس لتصوّر المعاني، والتَّعَلُّمُ: تنبّه النّفس لتصوّر ذلك، وربّما استعمل في معنى الإِعْلَامِ إذا كان فيه تكرير، نحو: {أَتُعَلِّمُونَ الله بِدِينِكُمْ}⁣[الحجرات: ١٦]، فمن التَّعْلِيمُ قوله: {الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ}⁣[الرحمن: ١ - ٢]، {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}⁣[العلق: ٤]، {وعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا}⁣[الأنعام: ٩١]، {عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ}⁣[النمل: ١٦]، {ويُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ والْحِكْمَةَ}⁣[البقرة: ١٢٩]، ونحو ذلك. وقوله: {وعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها}⁣[البقرة: ٣١]،


(١) الآية: {ولَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْناه نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً} سورة المؤمنون: آية ١٢ - ١٤.

(٢) الرجز لسالم بن دارة الغطفاني، وهو في جمهرة اللغة ٣/ ١٣٠، واللسان (علق).

(٣) الآية: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّه الرُّسُلَ فَيَقُولُ ما ذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا} سورة المائدة: آية ١٠٩.