مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

علن

صفحة 583 - الجزء 1

  بالفتح في الأمكنة والأجسام أكثر. قال تعالى: {عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ}⁣[الإنسان: ٢١].

  وقيل: إنّ (عَلَا) يقال في المحمود والمذموم، و (عَلِيَ) لا يقال إلَّا في المحمود، قال: {إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ}⁣[القصص: ٤]، {لَعالٍ فِي الأَرْضِ وإِنَّه لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ}⁣[يونس: ٨٣]، وقال تعالى: {فَاسْتَكْبَرُوا وكانُوا قَوْماً عالِينَ}⁣[المؤمنون: ٤٦]، وقال لإبليس: {أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ}⁣[ص: ٧٥]، {لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ}⁣[القصص: ٨٣]، {ولَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ}⁣[المؤمنون: ٩١]، {ولَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً}⁣[الإسراء: ٤]، {واسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وعُلُوًّا}⁣[النمل: ١٤]. والعَليُّ: هو الرّفيع القدر من: عَلِيَ، وإذا وصف اللَّه تعالى به في قوله: {أَنَّ الله هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}⁣[الحج: ٦٢]، {إِنَّ الله كانَ عَلِيًّا كَبِيراً}⁣[النساء: ٣٤]، فمعناه:

  يعلو أن يحيط به وصف الواصفين بل علم العارفين. وعلى ذلك يقال: تَعَالَى، نحو: {تَعالَى الله عَمَّا يُشْرِكُونَ}⁣[النمل: ٦٣]، [وتخصيص لفظ التّفاعل لمبالغة ذلك منه لا على سبيل التّكلَّف كما يكون من البشر]⁣(⁣١)، وقال ø: {تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً}⁣[الإسراء: ٤٣]، فقوله: (علوّا) ليس بمصدر تعالى. كما أنّ قوله (نباتا) في قوله: {أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَباتاً}⁣[نوح: ١٧]، و (تبتيلا) في قوله: {وتَبَتَّلْ إِلَيْه تَبْتِيلًا}⁣[المزمل: ٨]، كذلك⁣(⁣٢). والأَعْلى: الأشرف.

  قال تعالى: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى}⁣[النازعات: ٢٤]، والاسْتِعْلاءُ: قد يكون طلب العلوّ المذموم، وقد يكون طلب العلاء، أي: الرّفعة، وقوله: {وقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى}⁣[طه: ٦٤]، يحتمل الأمرين جميعا. وأما قوله: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}⁣[الأعلى: ١]، فمعناه: أعلى من أن يقاس به، أو يعتبر بغيره، وقوله: {والسَّماواتِ الْعُلى}⁣[طه: ٤]، فجمع تأنيث الأعلى، والمعنى: هي الأشرف والأفضل بالإضافة إلى هذا العالم، كما قال: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها}⁣[النازعات: ٢٧]، وقوله: {لَفِي عِلِّيِّينَ}⁣[المطففين: ١٨]، فقد قيل هو اسم أشرف الجنان⁣(⁣٣)، كما أنّ سجّينا اسم شرّ النّيران، وقيل: بل ذلك في الحقيقة اسم سكَّانها، وهذا أقرب في العربيّة، إذ كان هذا الجمع يختصّ بالناطقين، قال: والواحد عِلِّيٌّ


(١) ما بين [] نقله الزركشي في البرهان ٢/ ٣٩٥.

(٢) إنما هي أسماء مصادر، وانظر في ذلك: المدخل لعلم التفسير ص ٢٩٠ بتحقيقنا.

(٣) انظر: الدر المنثور ٨/ ٤٤٨، والبصائر ٤/ ٩٧.