مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

عنت

صفحة 589 - الجزء 1

  يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى}⁣[طه: ١٢٤]، {ونَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وبُكْماً وصُمًّا}⁣[الإسراء: ٩٧]، فيحتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا. وعَمِيَ عليه، أي: اشتبه حتى صار بالإضافة إليه كالأعمى قال: {فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ}⁣[القصص: ٦٦]، {وآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِه فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ}⁣[هود: ٢٨].

  والعَمَاءُ: السّحاب، والعَمَاءُ: الجهالة، وعلى الثاني حمل بعضهم ما روي أنه [قيل: أين كان ربّنا قبل أن خلق السماء والأرض؟ قال: في عماء تحته عماء وفوقه عماء]⁣(⁣١)، قال: إنّ ذلك إشارة إلى أنّ تلك حالة تجهل، ولا يمكن الوقوف عليها، والعَمِيَّةُ: الجهل، والْمَعَامِي:

  الأغفال من الأرض التي لا أثر بها.

عن

  عَنْ: يقتضي مجاوزة ما أضيف إليه، تقول:

  حدّثتك عن فلان، وأطعمته عن جوع، قال أبو محمد البصريّ⁣(⁣٢): «عَنْ» يستعمل أعمّ من «على» لأنه يستعمل في الجهات السّتّ، ولذلك وقع موقع على في قول الشاعر:

  ٣٣٤ - إذا رضيت عليّ بنو قشير⁣(⁣٣)

  قال: ولو قلت: أطعمته على جوع وكسوته على عري لصحّ.

عنب

  العِنَبُ يقال لثمرة الكرم، وللكرم نفسه، الواحدة: عِنَبَةٌ، وجمعه: أَعْنَابٌ. قال تعالى: {ومِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ والأَعْنابِ}⁣[النحل: ٦٧]، وقال تعالى: {جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وعِنَبٍ}⁣[الإسراء: ٩١]، {وجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ}⁣[الرعد: ٤]، {حَدائِقَ وأَعْناباً}⁣[النبأ: ٣٢]، {وعِنَباً وقَضْباً وزَيْتُوناً}⁣[عبس: ٢٨ - ٢٩]، {جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ}⁣[الكهف: ٣٢]، والْعِنَبَةُ:

  بُثْرَةٌ على هيئته.

عنت

  الْمُعَانَتَةُ كالمعاندة لكن المُعَانَتَةُ أبلغ، لأنها معاندة فيها خوف وهلاك، ولهذا يقال: عَنَتَ فلان: إذا وقع في أمر يخاف منه التّلف، يَعْنُتُ عَنَتاً. قال تعالى: {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٢٥]،


(١) الحديث عن أبي رزين العقيلي قال: قلت: يا رسول اللَّه، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: «كان في عماء ما تحته هواء، وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء». أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن، وقال ابن العربي: قد رويناه من طرقه، وهو صحيح سندا ومتنا.

انظر: عارضة الأحوذي ١١/ ٢٧٣، وأخرجه أحمد في المسند ٤/ ١١، وابن ماجة ١/ ٦٤.

(٢) هو ابن قتيبة.

(٣) هذا شطر بيت، وعجزه:

لعمر اللَّه أعجبني رضاها

وهو للقحيف العقيلي في مغني اللبيب ص ١٩١، والجنى الداني ص ٤٤٥، وخزانة الأدب ١٠/ ١٣٢.