مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

فره

صفحة 634 - الجزء 1

  يفرق به بين الحق والباطل⁣(⁣١)، فكان الفرقان هاهنا كالسّكينة والرّوح في غيره، وقوله: {وما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ}⁣[الأنفال: ٤١]، قيل:

  أريد به يوم بدر⁣(⁣٢)، فإنّه أوّل يوم فُرِقَ فيه بين الحقّ والباطل، والفُرْقَانُ: كلام اللَّه تعالى، لفرقه بين الحقّ والباطل في الاعتقاد، والصّدق والكذب في المقال، والصالح والطَّالح في الأعمال، وذلك في القرآن والتوراة والإنجيل، قال: {وإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والْفُرْقانَ}⁣[البقرة: ٥٣]، {ولَقَدْ آتَيْنا مُوسى وهارُونَ الْفُرْقانَ}⁣[الأنبياء: ٤٨]، {تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ}⁣[الفرقان: ١]، {شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيه الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى والْفُرْقانِ}⁣[البقرة: ١٨٥].

  والفَرَقُ: تَفَرُّقُ القلب من الخوف، واستعمال الفرق فيه كاستعمال الصّدع والشّقّ فيه. قال تعالى: {ولكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ}⁣[التوبة: ٥٦]، ويقال: رجل فَرُوقٌ وفَرُوقَةٌ، وامرأة كذلك، ومنه قيل للناقة التي تذهب في الأرض نادّة من وجع المخاض: فَارِقٌ وفَارِقَةٌ⁣(⁣٣)، وبها شبّه السّحابة المنفردة فقيل: فَارِقٌ، والأَفْرَقُ من الدّيك: ما عُرْفُه مَفْرُوقٌ، ومن الخيل: ما أحد وركيه أرفع من الآخر، والفَرِيقَةُ: تمر يطبخ بحلبة، والفَرُوقَةُ: شحم الكليتين.

فره

  الفَرِه: الأَشِرُ، وناقة مُفْرِه ومُفْرِهَةٌ: تنتج الفُرَّه⁣(⁣٤)، وقوله: {وتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً فارِهِينَ}⁣[الشعراء: ١٤٩]، أي: حاذقين، وجمعه فُرَّه، ويقال ذلك في الإنسان وفي غيره، وقرئ: فَرِهِينَ⁣(⁣٥) في معناه. وقيل:

  معناهما أشرين.

فرى

  الفَرْيُ: قطع الجلد للخرز والإصلاح، والإِفْرَاءُ للإفساد، والِافْتِرَاءُ فيهما، وفي الإفساد أكثر، وكذلك استعمل في القرآن في الكذب والشّرك والظَّلم. نحو: {ومَنْ يُشْرِكْ بِالله فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً}⁣[النساء: ٤٨]، {انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ}⁣[النساء: ٥٠].

  وفي الكذب نحو: {افْتِراءً عَلَى الله قَدْ ضَلُّوا}⁣[الأنعام: ١٤٠]، {ولكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى الله الْكَذِبَ}⁣[المائدة: ١٠٣]، {أَمْ يَقُولُونَ افْتَراه}⁣[السجدة: ٣]، {وما ظَنُّ الَّذِينَ


(١) وهو قول ابن جريح وابن زيد. انظر: روح المعاني ٩/ ١٩٦.

(٢) وهو قول ابن عباس وابن مسعود. انظر: الدر المنثور ٤/ ٧١.

(٣) انظر: المجمل ٣/ ٧١٨.

(٤) انظر: المجمل ٣/ ٧١٩، واللسان (فره).

(٥) وهي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وأبي جعفر ويعقوب. انظر: الإتحاف ص ٣٣٣.