فرع
  والفَرِيقُ: الجماعة المتفرّقة عن آخرين، قال: {وإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ}[آل عمران: ٧٨]، {فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وفَرِيقاً تَقْتُلُونَ}[البقرة: ٨٧]، {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}[الشورى: ٧]، {إِنَّه كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي}[المؤمنون: ١٠٩]، {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ}[مريم: ٧٣]، {وتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ}[البقرة: ٨٥]، {وإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ}[البقرة: ١٤٦]، وفَرَقْتُ بين الشّيئين: فصلت بينهما سواء كان ذلك بفصل يدركه البصر، أو بفصل تدركه البصيرة. قال تعالى: {فَافْرُقْ بَيْنَنا وبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ}[المائدة: ٢٥]، وقوله تعالى: {فَالْفارِقاتِ فَرْقاً}[المرسلات: ٤]، يعني:
  الملائكة الَّذين يفصلون بين الأشياء حسبما أمرهم اللَّه، وعلى هذا قوله: {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[الدخان: ٤]، وقيل: عمر الفَارُوقُ ¥ لكونه فارقا بين الحقّ والباطل، وقوله: {وقُرْآناً فَرَقْناه}[الإسراء: ١٠٦]، أي: بيّنا فيه الأحكام وفصّلناه. وقيل: (فَرَقْنَاه) أي: أنزلناه مُفَرَّقاً، والتَّفْرِيقُ أصله للتّكثير، ويقال ذلك في تشتيت الشّمل والكلمة. نحو: {يُفَرِّقُونَ بِه بَيْنَ الْمَرْءِ وزَوْجِه}[البقرة: ١٠٢]، {فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ}[طه: ٩٤]، وقوله: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِه}[البقرة: ٢٨٥]، وقوله: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}[البقرة: ١٣٦]، إنما جاز أن يجعل التّفريق منسوبا إلى (أحد) من حيث إنّ لفظ (أحد) يفيد في النّفي، وقال: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ}[الأنعام: ١٥٩]، وقرئ:
  فَارَقُوا(١) والفِراقُ والْمُفَارَقَةُ تكون بالأبدان أكثر. قال: {هذا فِراقُ بَيْنِي وبَيْنِكَ}[الكهف: ٧٨]، وقوله: {وظَنَّ أَنَّه الْفِراقُ}[القيامة: ٢٨]، أي: غلب على قلبه أنه حين مفارقته الدّنيا بالموت، وقوله: {ويُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الله ورُسُلِه}[النساء: ١٥٠]، أي:
  يظهرون الإيمان باللَّه ويكفرون بالرّسل خلاف ما أمرهم اللَّه به. وقوله: {ولَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ}[النساء: ١٥٢]، أي: آمنوا برسل اللَّه جميعا، والفُرْقَانُ أبلغ من الفرق، لأنه يستعمل في الفرق بين الحقّ والباطل، وتقديره كتقدير: رجل قنعان: يقنع به في الحكم، وهو اسم لا مصدر فيما قيل، والفرق يستعمل في ذلك وفي غيره، وقوله: {يَوْمَ الْفُرْقانِ}[الأنفال: ٤١]، أي: اليوم الذي يفرق فيه بين الحقّ والباطل، والحجّة والشّبهة، وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا الله يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً}[الأنفال: ٢٩]، أي: نورا وتوفيقا على قلوبكم
(١) وبها قرأ حمزة والكسائي. من المفارقة، وهي الترك. انظر: الإتحاف ص ٢٢٠.