مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

قبس

صفحة 652 - الجزء 1

قبس

  القَبَسُ: المتناول من الشّعلة، قال: {أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ}⁣[النمل: ٧]، والْقَبَسُ والِاقْتِبَاسُ: طلب ذلك، ثم يستعار لطلب العلم والهداية. قال: {انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ}⁣[الحديد: ١٣]. وأَقْبَسْتُه نارا أو علما: أعطيته، والْقَبِيسُ: فحل سريع الإلقاح تشبيها بالنار في السّرعة.

قبص

  القَبْصُ: التّناول بأطراف الأصابع، والمتناول بها يقال له: الْقَبْصُ والْقَبِيصَةُ، ويعبّر عن القليل بِالْقَبِيصِ وقرئ: (فَقَبَصْتُ قَبْصَةً)⁣(⁣١) والقَبُوصُ:

  الفرس الذي لا يمسّ في عدوه الأرض إلَّا بسنابكه، وذلك استعارة كاستعارة القَبْصِ له في العدو.

قبض

  القَبْضُ: تناول الشيء بجميع الكفّ. نحو:

  قَبَضَ السّيفَ وغيرَه. قال تعالى: {فَقَبَضْتُ قَبْضَةً}⁣[طه: ٩٦]، فَقَبْضُ اليد على الشيء جمعها بعد تناوله، وقَبْضُهَا عن الشيء جمعها قبل تناوله، وذلك إمساك عنه، ومنه قيل لإمساك اليد عن البذل: قَبْضٌ. قال: {يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ}⁣[التوبة: ٦٧]، أي: يمتنعون من الإنفاق، ويستعار الْقَبْضُ لتحصيل الشيء وإن لم يكن فيه مراعاة الكفّ، كقولك: قَبَضْتُ الدّار من فلان، أي: حزتها. قال: تعالى: {والأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُه يَوْمَ الْقِيامَةِ}⁣[الزمر: ٦٧]، أي:

  في حوزه حيث لا تمليك لأحد. وقوله: {ثُمَّ قَبَضْناه إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً}⁣[الفرقان: ٤٦]، فإشارة إلى نسخ الظَّلّ الشمس. ويستعار القَبْضُ للعدو، لتصوّر الذي يعدو بصورة المتناول من الأرض شيئا، وقوله: {يَقْبِضُ ويَبْصُطُ}⁣[البقرة: ٢٤٥]، أي: يسلب تارة ويعطي تارة، أو يسلب قوما ويعطي قوما، أو يجمع مرّة ويفرّق أخرى، أو يميت ويحيي، وقد يكنّى بِالْقَبْضِ عن الموت، فيقال: قَبَضَه اللَّه، وعلى هذا النّحو قوله عليه الصلاة والسلام: «ما من آدميّ إلَّا وقلبه بين إصبعين من أصابع الرّحمن»⁣(⁣٢) أي: اللَّه قادر على تصريف أشرف جزء منه، فكيف ما دونه، وقيل: راعٍ قُبَضَةٌ: يجمع الإبلَ⁣(⁣٣)، والِانْقِبَاضُ: جمع الأطراف، ويستعمل في ترك التّبسّط.


(١) سورة طه: آية ٩٦. وهي قراءة شاذة، قرأ بها ابن الزبير وأبو العالية وقتادة.

(٢) الحديث عن النواس بن سمعان قال: سمعت رسول اللَّه يقول: «ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع ربّ العالمين، إذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه». أخرجه أحمد ٤/ ١٨٢، وإسناده صحيح.

(٣) يقال: راع قبضة: إذا كان منقبضا لا يتفسّح في رعي غنمه. انظر: الجمهرة ١/ ٣٠٣، والمجمل ٣/ ٧٤١.