مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

قبل

صفحة 654 - الجزء 1

  الرّضا والإثابة⁣(⁣١). وقيل: القَبُولُ هو من قولهم:

  فلان عليه قبول: إذا أحبّه من رآه، وقوله: {كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا}⁣[الأنعام: ١١١](⁣٢) قيل: هو جمع قَابِلٍ، ومعناه: مُقَابِلٌ لحواسهم، وكذلك قال مجاهد: جماعة جماعة⁣(⁣٣)، فيكون جمع قَبِيلٍ، وكذلك قوله: {أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا}⁣[الكهف: ٥٥] ومن قرأ قبلا⁣(⁣٤) فمعناه: عيانا⁣(⁣٥). والقَبِيلُ: جمع قَبِيلَةٍ، وهي الجماعة المجتمعة التي يقبل بعضها على بعض. قال تعالى: {وجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وقَبائِلَ}⁣[الحجرات: ١٣]، {والْمَلائِكَةِ قَبِيلًا}⁣[الإسراء: ٩٢]، أي: جماعة جماعة.

  وقيل: معناه كفيلا. من قولهم: قَبلْتُ فلانا وتَقَبَّلْتُ به، أي: تكفّلت به، وقيل مُقَابَلَةً، أي:

  معاينة، ويقال: فلان لا يعرف قَبِيلًا من دبير⁣(⁣٦)، أي: ما أَقْبَلَتْ به المرأة من غزلها وما أدبرت به.

  والمُقَابَلَةُ والتَّقَابُلُ: أن يُقْبِلَ بعضهم على بعض، إمّا بالذّات، وإمّا بالعناية والتّوفّر والمودّة. قال تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ}⁣[الواقعة: ١٦]، {إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ}⁣[الحجر: ٤٧]، ولي قِبَلَ فلانٍ كذا، كقولك:

  عنده. قال تعالى: {وجاءَ فِرْعَوْنُ ومَنْ قَبْلَه}⁣(⁣٧) [الحاقة: ٩]، {فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ}⁣[المعارج: ٣٦]، ويستعار ذلك للقوّة والقدرة على الْمُقَابَلَةِ، أي: المجازاة، فيقال: لا قِبَلَ لي بكذا، أي: لا يمكنني أن أُقَابِلَه، قال: {فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها}⁣[النمل: ٣٧]، أي: لا طاقة لهم على اسْتِقْبَالِهَا ودفاعها، والقِبْلةُ في الأصل اسم للحالة التي عليها الْمُقَابِلُ نحو: الجلسة والقعدة، وفي التّعارف صار اسما للمكان الْمُقَابَلِ المتوجّه إليه للصلاة.

  نحو: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها}⁣[البقرة: ١٤٤]، والقَبُولُ: ريح الصّبا، وتسميتها بذلك لِاسْتِقْبَالِهَا القِبْلَةَ، وقَبِيلَةُ الرأس: موصل الشّؤن.

  وشاة مُقَابلَةٌ: قطع من قِبَلِ أذنها، وقِبَالُ النّعلِ:


(١) انظر: البصائر ٤/ ٢٣٥.

(٢) هذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب وعاصم. انظر: الإتحاف ص ٢١٥.

(٣) انظر: البصائر ٤/ ٢٣٥، والدر المنثور ٣/ ٣٤١.

(٤) وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر. انظر: الإتحاف ص ٢١٥.

(٥) قال شيخنا أحمد بن محمد حامد الحسين الشنقيطي:

وجا قبل وفق اقتدار، وقد أتى ... لردف عيان لكن القاف تكسر

وفي النوع فاضمم قافه جامعا له ... وذلك في الصاوي إذا كنت تنظر

(٦) انظر: أساس البلاغة (دبر)، واللسان (دبر).

(٧) وهي قراءة أبي عمرو والكسائي ويعقوب. الإتحاف ص ٤٢٢.