قرب
  باللَّسان ما لم يضامّه الإقرار بالقلب، ويضادّ الإقرار الإنكار، وأمّا الجحود فإنما يقال فيما ينكر باللَّسان دون القلب، وقد تقدّم ذكره(١)، قال: {ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ}[البقرة: ٨٤]، {ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِه ولَتَنْصُرُنَّه قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا}[آل عمران: ٨١]، وقيل: قَرَّتْ ليلتنا تَقِرُّ، ويوم قَرٌّ، وليلة قِرَّةٌ، وقُرَّ فلان فهو مَقْرُورٌ: أصابه الْقُرُّ، وقيل: حرّة تحت قِرَّةٍ(٢)، وقَرَرْتُ القدر أَقُرُّهَا: صببت فيها ماء قَارّاً، أي:
  باردا، واسم ذلك الماء الْقَرَارَةُ والْقَرِرَةُ. واقْتَرَّ فلان اقْتِرَاراً نحو: تبرّد، وقَرَّتْ عينه تَقَرُّ: سُرّت، قال: {كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها}[طه: ٤٠]، وقيل لمن يسرّ به: قُرَّةُ عين، قال: {قُرَّتُ عَيْنٍ لِي ولَكَ}[القصص: ٩]، وقوله: {هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ}[الفرقان: ٧٤]، قيل: أصله من القُرِّ، أي: البرد، فَقَرَّتْ عينه، قيل: معناه بردت فصحّت، وقيل: بل لأنّ للسّرور دمعة باردة قَارَّةً، وللحزن دمعة حارّة، ولذلك يقال فيمن يدعى عليه: أسخن اللَّه عينه، وقيل: هو من الْقَرَارِ. والمعنى: أعطاه اللَّه ما تسكن به عينه فلا يطمح إلى غيره، وأَقَرَّ بالحقّ: اعترف به وأثبته على نفسه. وتَقَرَّرَ الأمرُ على كذا أي:
  حصل، والقارُورَةُ معروفة، وجمعها: قَوَارِيرُ قال: {قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ}[الإنسان: ١٦]، وقال: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ}[النمل: ٤٤]، أي: من زجاج.
قرب
  الْقُرْبُ والبعد يتقابلان. يقال: قَرُبْتُ منه أَقْرُبُ(٣)، وقَرَّبْتُه أُقَرِّبُه قُرْباً وقُرْبَاناً، ويستعمل ذلك في المكان، وفي الزمان، وفي النّسبة، وفي الحظوة، والرّعاية، والقدرة.
  فمن الأوّل نحو: {ولا تَقْرَبا هذِه الشَّجَرَةَ}[البقرة: ٣٥]، {ولا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ}[الأنعام: ١٥٢]، {ولا تَقْرَبُوا الزِّنى}[الإسراء: ٣٢]، {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا}[التوبة: ٢٨]. وقوله: {ولا تَقْرَبُوهُنَّ}[البقرة: ٢٢٢]، كناية عن الجماع كقوله: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ}[التوبة: ٢٨]، وقوله: {فَقَرَّبَه إِلَيْهِمْ}[الذاريات: ٢٧].
  وفي الزّمان نحو: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ}[الأنبياء: ١]، وقوله: {وإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ}[الأنبياء: ١٠٩].
(١) راجع: مادة (جحد).
(٢) قال ابن منظور: ومثل العرب للذي يظهر خلاف ما يضمر: حرّة تحت قرّة. انظر: اللسان (قر)، والمجمل ٣/ ٧٢٧، ومجمع الأمثال ١/ ١٩٧، وتقدّم في مادة: حرّ.
(٣) انظر: الأفعال ٢/ ٨٢.