مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

أثر

صفحة 62 - الجزء 1

  أثاثاً، وتأثّث فلان: أصاب أثاثاً.

أثر

  أَثَرُ الشيء: حصول ما يدلّ على وجوده، يقال: أثر وأثّر، والجمع: الآثار. قال اللَّه تعالى: {ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا}⁣(⁣١) [الحديد: ٢٧]، {وآثاراً فِي الأَرْضِ}⁣[غافر: ٢١]، وقوله: {فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ الله}⁣[الروم: ٥٠].

  ومن هذا يقال للطريق المستدل به على من تقدّم: آثار، نحو قوله تعالى: {فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ}⁣[الصافات: ٧٠]، وقوله: {هُمْ أُولاءِ عَلى أَثَرِي}⁣[طه: ٨٤].

  ومنه: سمنت الإبل على أثارةٍ⁣(⁣٢)، أي: على أثر من شحم، وأَثَرْتُ البعير: جعلت على خفّه أُثْرَةً، أي: علامة تؤثّر في الأرض ليستدل بها على أثره، وتسمّى الحديدة التي يعمل بها ذلك المئثرة.

  وأَثْرُ السيف: جوهره وأثر جودته، وهو الفرند، وسيف مأثور. وأَثَرْتُ العلم: رويته⁣(⁣٣)، آثُرُه أَثْراً وأَثَارَةً وأُثْرَةً، وأصله: تتبعت أثره.

  {أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ}⁣[الأحقاف: ٤]، وقرئ: (أثرة)⁣(⁣٤) وهو ما يروى أو يكتب فيبقى له أثر.

  والمآثر: ما يروى من مكارم الإنسان، ويستعار الأثر للفضل، والإيثار للتفضل ومنه:

  آثرته، وقوله تعالى: {ويُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ}⁣[الحشر: ٩] وقال: {تَا لله لَقَدْ آثَرَكَ الله عَلَيْنا}⁣[يوسف: ٩١] و {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا}⁣[الأعلى: ١٦].

  وفي الحديث: «سيكون بعدي أثرة»⁣(⁣٥) أي:

  يستأثر بعضكم على بعض.

  والاستئثار: التفرّد بالشيء من دون غيره، وقولهم: استأثر اللَّه بفلان، كناية عن موته، تنبيه أنّه ممّن اصطفاه وتفرّد تعالى به من دون الورى


(١) وفي أ «وقفّينا» وهو خطأ.

(٢) انظر: لسان العرب (أثر) ٦/ ٧، ومجمل اللغة ١/ ٨٧.

(٣) قال ابن فارس: وأثرت الحديث، أي: ذكرته عن غيرك.

(٤) وهي قراءة شاذة قرأ بها السّلمي والحسن وأبو رجاء.

قال ابن منظور: فمن قرأ «أثارة» فهو المصدر، مثل السماحة، ومن قرأ «أثرة» فإنه بناه على الأثر، كما قيل:

قترة.

راجع تفسير القرطبي ١٦/ ١٨٢، ولسان العرب ٤/ ٧.

(٥) الحديث عن أسيد بن حضير أنّ رجلًا من الأنصار قال: يا رسول اللَّه ألا تستعملني كما استعملت فلاناً؟ قال:

«ستلقون بعدي أثره فاصبروا حتى تلقوني على الحوض». وهو صحيح أخرجه البخاري، راجع فتح الباري ٧/ ١١٧.