قلب
  فَكَثَّرَكُمْ}[الأعراف: ٨٦] ويكنّى بها تارة عن العزّة اعتبارا بقوله: {وقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ: ١٣]، {وقَلِيلٌ ما هُمْ}[ص: ٢٤] وذاك أنّ كلّ ما يعزّ يَقِلُّ وجوده. وقوله: {وما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: ٨٥] يجوز أن يكون استثناء من قوله: {وما أُوتِيتُمْ} أي: ما أوتيتم العلم إلَّا قليلا منكم، ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف. أي:
  علما قليلا، وقوله: {ولا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا}[البقرة: ٤١] يعني بِالْقَلِيلِ هاهنا أعراض الدّنيا كائنا ما كان، وجعلها قليلا في جنب ما أعدّ اللَّه للمتّقين في القيامة، وعلى ذلك قوله: {قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ}[النساء: ٧٧]. وقليل يعبّر به عن النّفي، نحو: قَلَّمَا يفعل فلان كذا، ولهذا يصحّ أن يستثنى منه على حدّ ما يستثنى من النّفي، فيقال: قلَّما يفعل كذا إلَّا قاعدا أو قائما وما يجري مجراه، وعلى ذلك حمل قوله: {قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ}[الحاقة: ٤١] وقيل: معناه تؤمنون إيمانا قليلا، والإيمان الْقَلِيلُ هو الإقرار والمعرفة العامّيّة المشار إليها بقوله: {وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِالله إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف: ١٠٦]. وأَقْلَلْتُ كذا: وجدته قَلِيلَ المحمل، أي: خفيفا، إمّا في الحكم، أو بالإضافة إلى قوّته، فالأول نحو: أَقْلَلْتَ ما أعطيتني. والثاني قوله: {أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا}[الأعراف: ٥٧] أي: احتملته فوجدته قليلا باعتبار قوّتها، واسْتَقْلَلْتُه: رأيته قليلا. نحو: استخففته: رأيته خفيفا، والقُلَّةُ(١): ما أَقَلَّه الإنسان من جرّة وحبّ(٢)، وقُلَّةُ الجبل: شَعَفُه اعتبارا بقلَّته إلى ما عداه من أجزائه، فأمّا تَقَلْقَلَ الشيء: إذا اضطرب، وتَقَلْقَلَ المسمار فمشتقّ من القَلْقَلَةِ، وهي حكاية صوت الحركة.
قلب
  قَلْبُ الشيء: تصريفه وصرفه عن وجه إلى وجه، كقلب الثّوب، وقلب الإنسان، أي: صرفه عن طريقته. قال تعالى: {وإِلَيْه تُقْلَبُونَ}[العنكبوت: ٢١]. والِانْقِلابُ: الانصراف، قال: {انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ومَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْه}[آل عمران: ١٤٤]، وقال: {إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ}[الأعراف: ١٢٥]، وقال: {أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}[الشعراء: ٢٢٧]، وقال: {وإِذَا انْقَلَبُوا إِلى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ}[المطففين: ٣١]. وقَلْبُ الإِنْسان قيل: سمّي به لكثرة تَقَلُّبِه، ويعبّر بالقلب عن المعاني التي تختصّ به من الرّوح والعلم والشّجاعة وغير ذلك، وقوله: {وبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ}[الأحزاب: ١٠] أي: الأرواح. وقال: {إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ}[ق: ٣٧] أي:
(١) انظر المجمل ٣/ ٧٢٦.
(٢) الحبّ: الجرّة الضخمة.