مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

كر

صفحة 705 - الجزء 1

  ومعناه: لا يجدونك كاذبا ولا يستطيعون أن يثبتوا كذبك، وقوله: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا}⁣[يوسف: ١١٠] أي: علموا أنهم تلقوا من جهة الذين أرسلوا إليهم بالكذب، ف «كذّبوا» نحو: فسّقوا وزنّوا وخطَّئوا: إذا نسبوا إلى شيء من ذلك، وذلك قوله: {فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ}⁣[فاطر: ٤] وقوله: {فَكَذَّبُوا رُسُلِي}⁣[سبأ: ٤٥]، وقوله: {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ}⁣[ص: ١٤]، وقرئ: كذبوا⁣(⁣١) بالتّخفيف. من قولهم: كذبتك حديثا.

  أي: ظنّ المرسل إليهم أنّ المرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب، وإنما ظنّوا ذلك من إمهال اللَّه تعالى إيّاهم وإملائه لهم، وقوله: {لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً ولا كِذَّاباً}⁣[عمّ: ٣٥] الْكِذَّابُ:

  التّكذيب. والمعنى: لا يُكَذِّبُونَ فَيُكَذِّبُ بعضهم بعضا، ونفي التّكذيب عن الجنة يقتضي نفي الكذب عنها، وقرئ: كذابا⁣(⁣٢) من الْمُكَاذَبَةِ.

  أي: لا يَتَكَاذَبُونَ تَكَاذُبَ الناس في الدنيا، يقال:

  حمل فلان على قرنه فكذب⁣(⁣٣)، كما يقال في ضدّه: صدق. وكَذَبَ لبنُ الناقة: إذا ظنّ أن يدوم مدّة فلم يدم. وقولهم: (كَذَبَ عليك الحجُّ)⁣(⁣٤) قيل: معناه وجب فعليك به، وحقيقته أنه في حكم الغائب البطيء وقته، كقولك: قد فات الحجّ فبادر، أي: كاد يفوت. وكَذَبَ عليك العسلَ⁣(⁣٥) بالنّصب، أي: عليك بالعسل، وذلك إغراء، وقيل: العسل هاهنا العسلان، وهو ضرب من العدو، والْكَذَّابَةُ: ثَوْبٌ يُنْقَشُ بلونِ صِبْغٍ كأنه موشى، وذلك لأنه يُكَذَّبُ بحاله.

كر

  الْكَرُّ: العطف على الشيء بالذّات أو بالفعل، ويقال للحبل المفتول: كَرٌّ، وهو في الأصل مصدر، وصار اسما، وجمعه: كُرُورٌ.

  قال تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ}⁣[الإسراء: ٦]،


(١) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وأبي جعفر وخلف. انظر: الإتحاف ص ٢٦٨.

(٢) وهي قراءة الكسائي. انظر: الإتحاف ص ٤٣١.

(٣) قال الزمخشري: ومن المجاز: حمل فلان ثم كذّب: إذا جبن ونكل، ومعناه: كذّب الظن به، أو جعل حملته كاذبة غير صادقة. انظر: أساس البلاغة (كذب). وقال شمّر: يقال للرجل إذا حمل ثم ولَّى ولم يمض: قد كذّب عن قرنه تكذيبا، والتكذيب في القتال ضد الصدق فيه. اللسان (كذب).

(٤) قال أبو عبيد: في حديث عمر: (كذب عليكم الحج، كذب عليكم العمرة، كذب عليكم الجهاد ثلاثة أسفار كذبن عليكم) انظر: غريب الحديث ٣/ ٢٤٨، وأخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٥/ ١٧٢.

(٥) الحديث: إنّ عمرو بن معديكرب شكا إلى عمر بن الخطاب المعص، فقال: كذب عليك العسل. يريد:

العسلان، وهو مشي الذئب. أي: عليك بسرعة المشي.

والمعص: التواء في عصب الرّجل. انظر: النهاية ٤/ ١٥٨، والفائق ٢/ ٢٠٠، واللسان (كذب).