مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

كفؤ

صفحة 718 - الجزء 1

  وقيل: لم يعن بقوله: «كِفْلَيْنِ» أي: نعمتين اثنتين بل أراد النّعمة المتوالية المتكفّلة بكفايته، ويكون تثنيته على حدّ ما ذكرنا في قولهم: (لبّيك وسعديك)⁣(⁣١)، وأما قوله: {مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً} إلى قوله: {يَكُنْ لَه كِفْلٌ مِنْها}⁣[النساء: ٨٥] فإنّ الكِفْلَ هاهنا ليس بمعنى الأوّل، بل هو مستعار من الْكِفْلِ⁣(⁣٢)، وهو الشيء الرّديء، واشتقاقه من الكِفْل⁣(⁣٣)، وهو أنّ الكفل لمّا كان مركبا ينبو براكبه صار متعارفا في كلّ شدّة، كالسّيساء: وهو العظم النّاتئ من ظهر الحمار، فيقال: لأحملنّك على الكفل، وعلى السّيساء⁣(⁣٤)، ولأركبنّك الحسرى الرّذايا⁣(⁣٥)، قال الشاعر:

  ٣٩١ - وحملناهم على صعبة زو ... راء يعلونها بغير وطاء⁣(⁣٦)

  ومعنى الآية: من ينضمّ إلى غيره معينا له في فعلة حسنة يكون له منها نصيب، ومن ينضمّ إلى غيره معينا له في فعلة سيئة يناله منها شدّة.

  وقيل: الْكِفْلُ الْكَفِيلُ. ونبّه أنّ من تحرّى شرّا فله من فعله كفيل يسأله، كما قيل: من ظلم فقد أقام كفيلا بظلمه، تنبيها أنه لا يمكنه التّخلَّص من عقوبته.

كفؤ

  الكُفْءُ: في المنزلة والقدر، ومنه: الْكِفَاءُ لشقّة تنصح⁣(⁣٧) بالأخرى، فيجلَّل بها مؤخّر البيت. يقال: فلان كفء لفلان في المناكحة، أو في المحاربة، ونحو ذلك. قال تعالى: {ولَمْ يَكُنْ لَه كُفُواً أَحَدٌ}⁣[الإخلاص: ٤] ومنه:

  الْمُكَافَأَةُ. أي: المساواة والمقابلة في الفعل، وفلان كُفْؤٌ لك في المضادّة، والإِكْفَاءُ: قلب الشيء كأنه إزالة المساواة، ومنه: الإِكْفَاءُ في الشّعر⁣(⁣٨)، ومُكْفَأُ الوجه، أي: كاسد اللَّون وكَفِيئُه، ويقال لنتاج الإبل ليست تامّة: كَفْأَةٌ⁣(⁣٩)، وجعل فلان إبله كَفْأَتَيْنِ: إذا لقح كلّ سنة قطعة منها.


(١) انظر: مادة (سعد).

(٢) الكفل من الرجال: الذي يكون في مؤخّر الحرب، إنما همته التأخر والفرار. انظر: تهذيب اللغة ١٠/ ٢٥٣.

(٣) لكن قال في اللسان: الكفل لا يشتقّ منه فعل ولا صفة.

(٤) يقال: اركب لكلّ حال سيساءه، والسيساء: ظهر الحمار، ومعناه: اصبر على كل حال. راجع: مجمع الأمثال ١/ ٣٠١.

(٥) الرذايا: جمع الرذيّ، وهو الذي أثقله المرض، والرذيّ من الإبل: المهزول الهالك الذي لا يستطيع براحا ولا ينبعث. اللسان (رذى).

(٦) البيت تقدّم في مادة (عتب).

(٧) أي: تخاط. يقال: نصحت الثوب: إذا خطته. والنّصاح: السلك يحاط به. انظر: اللسان (نصح).

(٨) الإكفاء في الشعر: أن ترفع قافية وتخفض أخرى. انظر: المجمل ٣/ ٧٨٨.

(٩) قال الصغاني: والكفأة والكفأة بالفتح والضم: نتاج الإبل سنة. العباب الزاخر (كفأ).