مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

كفل

صفحة 717 - الجزء 1

  تعالى بدلالة قوله: {يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ}⁣[الفتح: ٢٩] ولأنّ الكافر لا اختصاص له بذلك. وقيل: بل عنى الكفار، وخصّهم بكونهم معجبين بالدّنيا وزخارفها وراكنين إليها.

  والْكَفَّارَةُ: ما يغطَّي الإثم، ومنه: كَفَّارَةُ اليمين نحو قوله: {ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ}⁣[المائدة: ٨٩] وكذلك كفّارة غيره من الآثام ككفارة القتل والظَّهار. قال: {فَكَفَّارَتُه إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ}⁣[المائدة: ٨٩] والتَّكْفِيرُ: ستره وتغطيته حتى يصير بمنزلة ما لم يعمل، ويصحّ أن يكون أصله إزالة الكفر والكفران، نحو:

  التّمريض في كونه إزالة للمرض، وتقذية العين في إزالة القذى عنه، قال: {ولَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا واتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ}⁣[المائدة: ٦٥]، {نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ}⁣[النساء: ٣١] وإلى هذا المعنى أشار بقوله: {إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}⁣[هود: ١١٤] وقيل: صغار الحسنات لا تكفّر كبار السّيّئات، وقال: {لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ}⁣[آل عمران: ١٩٥]، {لِيُكَفِّرَ الله عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا}⁣[الزمر: ٣٥] ويقال: كَفَرَتِ الشمس النّجومَ: سترتها، ويقال الْكَافِرُ للسّحاب الذي يغطَّي الشمس والليل، قال الشاعر:

  ٣٨٩ - ألقت ذكاء يمينها في كافر⁣(⁣١)

  وتَكَفَّرَ في السّلاح. أي: تغطَّى فيه، والْكَافُورُ: أكمام الثمرة. أي: التي تكفُرُ الثّمرةَ، قال الشاعر:

  ٣٩٠ - كالكرم إذ نادى من الكافور⁣(⁣٢)

  والْكَافُورُ الذي هو من الطَّيب. قال تعالى: {كانَ مِزاجُها كافُوراً}⁣[الإنسان: ٥].

كفل

  الْكَفَالَةُ: الضّمان، تقول: تَكَفَّلَتْ بكذا، وكَفَّلْتُه فلانا، وقرئ: {وكَفَّلَها زَكَرِيَّا}⁣[آل عمران: ٣٧](⁣٣) أي: كفّلها اللَّه تعالى، ومن خفّف⁣(⁣٤) جعل الفعل لزكريّا، المعنى: تضمّنها.

  قال تعالى: {وقَدْ جَعَلْتُمُ الله عَلَيْكُمْ كَفِيلًا}⁣[النحل: ٩١]، والْكَفِيلُ: الحظَّ الذي فيه الكفاية، كأنّه تَكَفَّلَ بأمره. نحو قوله تعالى: {فَقالَ أَكْفِلْنِيها}⁣[ص: ٢٣] أي: اجعلني كفلا لها، والكِفْلُ: الكفيل، قال: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِه}⁣[الحديد: ٢٨] أي: كفيلين من نعمته في الدّنيا والآخرة، وهما المرغوب إلى اللَّه تعالى فيهما بقوله: {رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً}⁣[البقرة: ٢٠١]


(١) تقدم قريبا ص ٧١٤.

(٢) الشطر تقدّم قريبا ص ٧١٤.

(٣) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وخلف. انظر: الإتحاف ص ١٧٣.

(٤) قرأ بالتخفيف نافع وابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو جعفر ويعقوب.