مفردات ألفاظ القرآن،

الراغب الأصفهاني (المتوفى: 502 هـ)

ملح

صفحة 774 - الجزء 1

  الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّه}⁣[البقرة: ٢٨٢] وتقال المِلَّة اعتبارا بالشيء الذي شرعه اللَّه. والدّين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذ كان معناه الطاعة. ويقال: خبزُ مَلَّةٍ، ومَلَّ خبزَه يَمَلُّه مَلاًّ، والمليل: ما طرح في النار، والمَلِيلَةُ: حرارة يجدها الإنسان، ومَلِلْتُ الشيءَ أَمَلُّه⁣(⁣١): أعرضت عنه. أي: ضجرت، وأَمْلَلْتُه من كذا: حملته على أن ملّ. من قوله عليه الصلاة والسلام: «تكلَّفوا من الأعمال ما تطيقون فإن اللَّه لا يملّ حتى تملَّوا»⁣(⁣٢) فإنه لم يثبت للَّه مَلَالًا بل القصد أنّكم تملَّون واللَّه لا يملّ.

ملح

  المِلْحُ: الماء الذي تغيّر طعمه التّغيّرَ المعروفَ وتجمّد، ويقال له مِلْحٌ إذا تغيّر طعمه، وإن لم يتجمّد، فيقال: ماءٌ مِلْحٌ. وقلَّما تقول العرب: ماءٌ مالحٌ⁣(⁣٣). قال اللَّه تعالى: {وهذا مِلْحٌ أُجاجٌ}⁣[الفرقان: ٥٣] ومَلَّحْتُ القدرَ:

  ألقيت فيها الملح، وأَمْلَحْتُهَا: أفسدتها بالملح، وسمكٌ مَلِيحٌ، ثم استعير من لفظ الملح المَلَاحَةُ، فقيل: رجل مليح، وذلك راجع إلى حسن يغمض إدراكه.

ملك

  المَلِكُ: هو المتصرّف بالأمر والنّهي في الجمهور، وذلك يختصّ بسياسة الناطقين، ولهذا يقال: مَلِكُ الناسِ، ولا يقال: مَلِك الأشياءِ، وقوله: {مَلِكِ يومِ الدّين}⁣[الفاتحة: ٣] فتقديره: الملك في يوم الدين، وذلك لقوله: {لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّه الْواحِدِ الْقَهَّارِ}⁣[غافر: ١٦]. والمِلْكُ ضربان: مِلْك هو التملك والتّولَّي، ومِلْك هو القوّة على ذلك، تولَّى أو لم يتولّ. فمن الأوّل قوله: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها}⁣[النمل: ٣٤]، ومن الثاني قوله: {إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وجَعَلَكُمْ مُلُوكاً}⁣[المائدة: ٢٠]


(١) انظر: الأفعال ٤/ ١٤٤.

(٢) الحديث عن عائشة أنّ النبيّ دخل عليها، وعندها امرأة. قال: من هذه؟ قالت: فلانة، تذكر من صلاتها. قال:

«مه، عليكم بما تطيقون، فو اللَّه لا يملّ اللَّه حتى تملوا» أخرجه البخاري في الإيمان (فتح الباري ١/ ١٠١)، ومسلم برقم (١١٥٨).

(٣) واستعمل هذا اللفظ الإمام الشافعي كما حكاه المزني عنه حيث قال: (فكلّ ماء من بحر عذب أو مالح) انظر:

مختصر المزني ١/ ٢.

وأنكر بعض اللغويين هذا على الشافعي، وقالوا: تقول العرب: ماء ملح وسمك ملح، ولا تقول: ماء مالح.

وردّهم مردود بما حكاه أبو عمر الزاهد غلام ثعلب قال: سمعت ثعلبا يقول: كلام العرب: ماء ملح وسمك ملح، وقد جاء عن العرب: ماء مالح، وسمك مالح، وأنشد:

بصرية تزوجت بصريه ... يطعمها المالح والطريا

انظر: الرد على الانتقاد على الشافعي ص ٣٥، وتهذيب اللغة ٥/ ٩٩.